فاعتزل رجل من القوم ناحية فقال إني صائم فقال النبي صلى الله عليه وسلم (دعاكم أخوكم وتكلف لكم كل ثم صم يوما مكانه ان شئت) وان أحب اتمام الصيام جاز لما روينا من الخبر المتقدم ولكن يدعو لهم ويبارك ويخبرهم بصيامه ليعلموا عذره فتزول عنه التهمة في ترك الأكل، وقد روى أبو حفص باسناده عن عثمان ابن عفان رضي الله عنه أنه أجاب عبد المغيرة وهو صائم فقال إني صائم ولكنني أحببت أن أجيب الداعي فادعو بالبركة، وعن عبد الله قال إذا عرض على أحدكم الطعام وهو صائم فليقل إني صائم وإن كان مفطرا فالأولى له الاكل لأنه أبلغ في اكرام الداعي وجبر قلبه ولا يجب عليه ذلك، وقال أصحاب الشافعي فيه وجه آخر أنه يلزمه الاكل لقول النبي صلى الله عليه وسلم (وإن كان مفطرا فليطعم) ولان المقصود منه الاكل فكان واجبا ولنا قول النبي صلى الله عليه وسلم (إذا دعي أحدكم فليجب فإن شاء أكل وان شاء ترك) حديث صحيح، ولأنه لو وجب الاكل لوجب على المتطوع بالصوم فلما لم يلزمه الاكل لم يلزمه إذا كان مفطرا وقولهم المقصود الاكل قلنا بل المقصود الإجابة ولذلك وجبت على الصائم الذي لا يأكل (فصل) إذا دعى إلى وليمة فيها معصية كالخمر والزمر والعود ونحوه وأمكنه الانكار وإزالة المنكر لزمه الحضور والانكار لأنه يؤدي فرضين إجابة أخيه المسلم وإزالة المنكر وان لم يقدر على الانكار لم يحضر وان لم يعلم بالمنكر حتى حضر ازاله فإن لم يقدر انصرف ونحو هذا قال الشافعي وقال مالك اما اللهو الخفيف كالدف والكير فلا يرجع وقاله ابن القاسم وقال أصبغ أرى ان يرجع وقال أبو حنيفة إذا وجد اللعب فلا بأس ان يقعد فيأكل
(١٠٩)