ولا يقع الخلع بمجرده بل لا بد من التلفظ معه بالطلاق فيقول مريده: قد خلعتك على كذا وكذا فأنت طالق، والدليل على ذلك إجماع الطائفة لأن من قال من أصحابنا: لفظ الخلع كاف في الفرقة، لا يؤثر خلافه في دلالة الاجماع، وأيضا فلا خلاف بين الأمة في حصول الفرقة بما ذكرناه وليس على حصولها بمجرد لفظ الخلع دليل.
وأما طلاق المباراة فيكون مع كراهة كل واحد من الزوجين صاحبه، ويجوز للزوج أخذ البدل عليه إذا لم يزد على ما أعطاها من المهر ولا يحل له أخذ الزيادة عليه، ويقول من يريد ذلك: قد بارئتك على كذا وكذا فأنت طالق، و ذلك لفظه بدليل الاجماع المشار إليه، فإذا تلفظ بالطلاق في الخلع والمباراة بانت الزوجة منه بواحدة ولم يملك رجعتها في العدة بالعقد الأول إلا أن تعود فيما بذلت له أو في بعضه فيها، ولا خيار لها في العود بشئ من ذلك بعد العدة في التطليقتين، وإذا كمل هذا الطلاق ثلاث مرات على الوجه الذي بيناه فيما مضى حرمت المطلقة على الأول حتى تنكح زوجا غيره على ما قدمناه وذلك بدليل إجماع الطائفة، وتسقط السكنى والنفقة في الطلاق البائن بدليل الاجماع المشار إليه ولأن الأصل براءة الذمة وشغلها بإيجاب شئ من ذلك يفتقر إلى دليل.
ومن طلق ثلاثا بلفظ واحد كان مبدعا في قوله " ثلاثا " ووقعت واحدة إذا تكاملت الشروط على الصحيح من المذهب لأنه إذا تلفظ بالطلاق مع تكامل شروطه المسنونة وجب وقوعه وما أبدع من قوله " ثلاثا " لا حكم له في الشرع لأنه مخالف للسنة ولا تأثير له في إفساد ما قد تكاملت شروطه الشرعية من الطلاق، ولا فرق بين أن يتبع الطلاق بقوله: " ثلاثا " وبين أن يتبعه بشتم المرأة وكما أن ذلك وإن كان بخلاف السنة غير مانع من وقوع الطلاق فكذلك ما نحن فيه.
ويدل على أن قوله " ثلاثا " بدعة بعد إجماع الطائفة قوله تعالى: الطلاق مرتان، والمراد بذلك الأمر لأنه لو كان خبرا لكان كذبا فكأنه قال: طلقوا مرتين، كما قال الله تعالى: ومن دخله كان آمنا، أي فأمنوه ولا يكون الطلاق مرتين بحصول واحدة بعد أخرى، وكما أن من أعطى درهمين دفعة واحدة لم يوصف بأنه معط مرتين ولا يكون كذلك حتى يفرق الإعطاء لهما في وقتين فكذلك المطلق.