ولكن التحقيق أن يقال: إن كان المراد من التخيير هو التخيير الواقعي المجعول لها بمقتضى الجمع بين طائفتين من الروايات فلا شاهد له وليس جمعا عرفيا ويأبى العرف عنه، لأن الأخبار الدالة على العدول ظاهرة في تعين العدول، وأن وظيفة الحائض ليس إلا ذلك، وكذا الظاهر من أخبار الباب تعين اتمام العمرة عليها ثم قضاء طوافها بعد الحج ليكون حجها تمتعا، فالأمر الوارد في الطائفتين ظاهر في الوجوب التعييني، ولا شاهد لحمله على التخييري، بل لا يحتمله بعض العبارات أصلا، فإن قوله عليه السلام في رواية عجلان: (لا إذا زالت الشمس ذهبت المتعة) (1) وقوله (تمت عمرتها) كما في رواية أبي بصير (2) تعبيران مختلفان ومتناقضان من جميع الوجوه لا يمكن حملهما على التخيير، وإرادة الأمر التخييري منها مما لا يساعده العرف بل يبعده وينفيه.
ولا ينافي هذا ما تقدم منا من حمل قوله (ذهبت متعتها) على انقضاء التعيين، وذهاب الأمر التعييني، جمعا بينه وبين قوله (ولها المتعة)، إذ لا اشكال ولا استبعاد في ذلك الجمع بخلاف النصوص المتعارضة في المقام، فإن قوله (تصير حجها مفردة)، وقوله (متعتها تامة وتقضي طوافها) غير قابل لتحمل الجمع المذكور بإرادة التخيير منهما.