مكة محلا ودخلها بعد مضي الشهر محلا عصيانا أو جهلا أو نسيانا فهل له أن يأتي بحج التمتع مع العمرة الأولى، أو يجب عليه الرجوع إلى الميقات والاحرام منها بقصد العمرة ثم الاتيان بالحج حتى يرتبط حجه بعمرته الثانية؟ فيه وجهان.
والمنشأ أن العمرة الأولى هل تصير مبتولة بالخروج من مكة ومضي الشهر، أو لا يتبتل إلا باتيان العمرة الثانية، فيجب عليه تكليفا أن يأتي بعمرة ثانية بعد مضي الشهر، حتى تتبتل العمرة الأولى وتصير الثانية هي المتمتع بها إلى الحج. فحينئذ لو عصى ولم يأت بعمرة ثانية، وأتى بالحج مرتبطا بالعمرة الأولى يصح حجه ويكون متمتعا وإن عصى تكليفا بعدم الاتيان بالعمرة الثانية؟
الظاهر من الوجهين هو الثاني، ولا يبعد كونه أوفق للقواعد أيضا، فإن المستفاد من حسنة حماد حيث قال عليه السلام (إن الأخيرة هي العمرة) إن انقطاع الأولى عن الحج إنما يتحقق باتيان العمرة الثانية، لا بمجرد الخروج من مكة وإطالته حتى يمضي عليه الشهر، ولو شك في ذلك فيدفع بالبراءة عن وجوب العمرة الثانية بعد الرجوع إلى مكة محلا عصيانا.
اللهم إلا أن يقال: إن وجوب الاحرام والآتيان بالعمرة بعد الشهر إذا رجع إلى مكة كان معلوما لا شبهة فيه من جهة التكليف وإنما الشك في اشتراط الحج المأمور به بذلك، فلا تجري البراءة في نفي الشرطية، إذ العلم بأصل الوجوب كاف في تنجز الحكم