(في جواز تأخير التلبية عن الميقات) ثم إنه يظهر من النصوص جواز تأخير التلبية إلى البيداء وعدم وجوب المقارنة زمانا ولا مكانا بينها وبين عقد الاحرام ونيته، ومن الغريب أن بعض المحدثين مال إلى وجوب تأخير التلبية إلى البيداء في هذا الميقات عملا بالأوامر الواردة فيها، ولكن لم يعرف القول به من أحد من الفقهاء.
وقد يقال: إنه بناءا على كون النية هو الداعي لا يتصور انفكاك الداعي عن التلبية، فإن الداعي مستمر إلى أن يلبي فلا ثمرة غالبا في ذلك.
وفيه: أن القول في المقام في أن التلبية، هل يجوز تأخيرها مكانا وزمانا عن عقد الاحرام ونيته وإن كانت النية هي الداعي لا غير وبعبارة أوفى: إن البحث في أن الحاج إذا عقد الاحرام ونوى الحج في مسجد الشجرة مثلا هل يجب عليه أن يلبي في ذلك المكان والزمان حتى تحرم عليه المحرمات ويتم الأمر ولا يجوز له ارتكاب المحرمات، أم يجوز له تأخير التلبية زمانا ومكانا؟ فلا ملازمة بينه وبين القول بكون الداعي هو النية والقول بالمقارنة ووجوبها.
قد يستدل على عدم وجوب المقارنة بأصل البراءة عن الوجوب إذا شك فيه، ولكنه غير تام، فإن الشك في المقام شك في المحصل بعد العلم باشتغال الذمة بالاحرام الذي يوجب العلم بالفراغ،