وحيث أن المعتبرة مشتملة على الواجب والمندوب لا تكون ظاهرة في وجوب لبس الثوبين واشتراط الاحرام به. اللهم أن يقال: إن ظهور الأمر في الوجوب بحسب الوضع الأولى، لا يرفع اليد عنه إلا بالقرينة الصارفة، ومجردا لاشتمال على الأمور المندوبة ووقوع لبس الثوبين في سياق المستحبات الواقعة تحت الأمر، لا يمنع عن الظهور في الوجوب بالنسبة إليه، ولا يصرفه عن ذلك فتأمل.
(الثاني) فعل النبي صلى الله عليه وآله، إذ المسلم أنه لبس الثوبين عند الاحرام. ويتم الاستدلال به إذا علم أن لبسه الثوبين إنما كان من باب الوجوب، لأن فعله صلى الله عليه وآله لا يختص بالواجب بل يعمه والندب.
ولكن اثبات ذلك مشكل، ولو بالسيرة المستمرة بين المسلمين فإن الظاهر من العامة عدم وجوبه.
نعم غاية ما يمكن اثباته تحقق السيرة من زمان الأئمة عليهم السلام إلى زماننا، على أصل لبس الثوبين فقط، وهي أيضا لا تفيد الوجوب.
(الثالث) الاجماع المدعى على وجوب لبس الثوبين في كلمات الأصحاب، كما في التحرير وإن وقع الترديد في عبائر بعضهم وصرح غير واحد منهم أيضا بعدم الخلاف فيه. وظاهر ذلك الاجماع المصطلح بين العلماء.
ويرد عليه أولا: إن عدة من أعاظم الفقهاء لم يصرحوا بالوجوب