فأما الآية وهو قوله تعالى: ﴿سواء العاكف فيه والباد﴾ (١) فإن الضمير، راجع إلى ما تقدم، وهو نفس المسجد الحرام، دون مكة جميعها، وأيضا قوله تعالى: ﴿لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا﴾ (2) فحظر علينا عز وجل دخول غير بيوتنا، فأما من قال لا يجوز بيع رباع مكة، ولا إجارتها، فصحيح، إن أراد نفس الأرض، لأن مكة أخذت عنوة بالسيف، فهي لجميع المسلمين، لا تباع، ولا توقف، ولا تستأجر، فأما التصرف، والتحجير، والآثار، فيجوز بيع ذلك، وإجارته، كما يجوز بيع سواد العراق المفتتحة عنوة، فيحمل ما ورد في ذلك على نفس الأرض، دون التصرف، لئلا تتناقض الأدلة، فليلحظ ذلك، ويتأمل.
ولا ينبغي لأحد، أن يرفع بناء فوق الكعبة.
ومن وجد شيئا في الحرم، لا يجوز له أخذه، فإن أخذه عرفه سنة، فإن جاء صاحبه، وإلا كان مخيرا بين شيئين، أحدهما يتصدق به عن صاحبه بشرط الضمان، إن لم يرض بذلك صاحبه، والآخر أن يحفظه على صاحبه، حفظ أمانة، وليس له أن يتملكه، ولا يكون كسبيل ماله.
وإن وجده في غير الحرم، عرفه سنة، ثم هو مخير بين شيئين، أحدهما التصدق به، بشرط الضمان إن لم يرض صاحبه، والآخر أن يجعله كسبيل ماله.
وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في مبسوطه: ثم هو مخير بين ثلاثة أشياء، يعني في لقطة غير الحرم، بعد تعريفه سنة، بين أن يحفظه على صاحبه أمانة، وبين أن يتصدق عنه بشرط الضمان، وبين أن يتملكه لنفسه، وعليه ضمانه (3) والصحيح أنه يكون بين خيرتين، فحسب، لأن إجماع أصحابنا منعقد، أنه يكون بعد السنة وتعريفه فيها، كسبيل ماله، وإنما الشافعي يخيره بين ثلاثة أشياء