فإن دخل في طريقه بلدا يعزم فيه على المقام عشرا، لزمه التمام، فإن خرج منه، وفارقه، بحيث لا يسمع أذانه، لزمه التقصير، فإن عاد إليه لقضاء حاجة، أو أخذ شئ نسيه، لم يلزمه التمام إذا أراد الصلاة فيه، لأنه لم يعد إلى وطنه، فكان هذا فرقا بين هذه المسألة والتي قبلها.
باب صلاة الخوف وما يجري مجراها من حال المطاردة والمسايفة واعلم أن الخوف إذا انفرد عن السفر، لزم فيه التقصير في الصلاة، مثل ما يلزم في السفر إذا انفرد، على الصحيح من المذهب، وقال بعض أصحابنا لا قصر إلا في حال السفر، والأول عليه العمل والفتوى من الطائفة.
وصفة صلاة الخوف، أن يفرق الإمام أصحابه، إذا كان العدو في خلاف جهة القبلة فرقتين، فرقة يجعلها بإزاء العدو، وفرقة خلفه، ثم يكبر، ويصلي بمن وراءه ركعة واحدة، فإذا نهض إلى الثانية، صلوا لأنفسهم ركعة أخرى، ونووا مفارقته، والانفراد بصلاتهم، وهو قائم يطول القراءة، ثم جلسوا، فتشهدوا (1) وسلموا وانصرفوا، فقاموا مقام أصحابهم، وجاءت الفرقة الأخرى، فلحقوه قائما في الثانية، فاستفتحوا الصلاة، وانصتوا لقراءته، إن كانت الصلاة جهرية، فإذا ركع، ركعوا بركوعه، وسجدوا بسجوده، فإذا جلس للتشهد، قاموا فصلوا ركعة أخرى، وهو جالس، ثم جلسوا معه، فسلم بهم، وانصرفوا بتسليمه.
وقد روي أنه إذا جلس الإمام للثانية تشهد، وسلم ثم قام من خلفه، فصلوا الركعة الأخرى وصلوا لأنفسهم، وما ذكرناه أولا، هو الأظهر في المذهب، والصحيح من الأقوال (2) فإن كانت الصلاة صلاة المغرب، صلى الإمام بالطائفة الأولى ركعة واحدة، فإذا قام إلى الثانية، أتم القوم الصلاة ركعتين، يجلسون في الثانية