ورجع الشيخ المفيد رحمه الله في كتابه أحكام النساء (1) وفي شرح كتاب الأعلام (2)، والذي يدل على أصل المسألة وما اخترناه، إنها مخاطبة، ومكلفة، وهي داخلة في عموم الأوامر بالصلوات والصوم، وإنما يخرجها في الأيام التي حددناها للإجماع، ولا إجماع ولا دليل فيما زاد على ذلك، فيجب دخولها تحت عموم الأوامر، ولو لم يكن إلا أن فيه استظهارا للفرض واحتياطا له لكفى.
وتفارق النفساء الحائض في حد أقل النفاس، فإنه ليس لقليل النفاس حد بل حده انقطاع الدم، فإذا استمر بها الدم فوق العشرة الأيام وتجاوزها، فعلت ما تفعله المستحاضة، لا الحائض، لأن الحيض لا يتعقب النفاس، لما بينا إن النفاس حكمه حكم الحيض في جميع الأشياء، فإن رأت الدم بعد وضعها الحمل بلا فصل مثلا يوما واحدا أو يومين وانقطع إلى تمام العشرة الأيام، فهي نفساء في اليوم واليومين فحسب، فإذا رأته قبل مضي العشرة الأيام لحظة واحدة فاليوم واليومان وما بعدها إلى تمام العشرة نفاس، لأنه لم يمض لها بين الدمين طهر، فإن مضى بين الدمين عشرة أيام نقاء فالدم الثاني إذا توالى ثلاثة أيام حيض، فإن لم يمض بين الدمين طهر، وتجاوز العشرة الأيام منها نقاء ومنها دم، فالدم الثاني استحاضة ولا يكون نفاسا، لأنه قد جاوز العشرة الأيام بعد وضعها الحمل وهي أقصى مدته، ولا يكون حيضا، لأنه ما تقدمه طهر، فليلحظ ذلك ويحقق.
ويكون النقاء الذي في العشرة الأيام أيضا هي فيه بحكم الطاهرات، يجب عليها فيه قضاء الصلاة والصوم.
وإن وضعت ولم تر الدم إلى اليوم التاسع أو العاشر، فهي طاهر، وحكمها حكم طاهرات إلى أن رأت الدم، وهي نفساء، وحكمها حكم النفساء في اليوم التاسع والعاشر فحسب، لأنا قد بينا أن النفساء مشتقة من النفس التي