معنى التسود مثلا ليس ان سوادا واحدا يشتد حتى يكون الموضوع الحقيقي للحركة في السواد نفس السواد كيف وذات الأول في نفسها ناقصه والزائدة ليست بعينها الناقصة.
ولا يتأتى لاحد ان يقول ذات الأول باقيه وينضم إليها شئ آخر فان الذي ينضم اليه (1) ان لم يكن سوادا فما اشتد السواد في سواديته بل حدث فيه صفه أخرى وإن كان الذي ينضم اليه سوادا آخر فيحصل سوادان في محل واحد بلا امتياز بينهما بالحقيقة أو المحل أو الزمان وهو محال واتحاد الاثنين من السواد أيضا غير متصور لأنهما ان بقيا اثنين فلا اتحاد وكذا الحال ان انتفيا وحصل غيرهما أو انتفى أحدهما وحصل الاخر.
فقد علم أن اشتداد السواد ليس ببقاء سواد وانضمام آخر اليه بل بانعدام ذات الأول عن الموضوع وحصول سواد آخر أشد منه في ذلك الموضوع مع بقائه في الحالين وعليه القياس في التضعف.
إذا تحقق هذا فعلم أن لا حركه في الوجود اما على طريقه القائلين باعتبارية الوجود مطلقا وتكثره بتكثر موضوعاته فقط فواضح لا يحتاج إلى البيان واما على ما اخترناه فلما علمت سابقا ان الوجود ليس عرضا قائما بالماهية بل هو نفس وجود الموضوع وموجوديته بل هو عين الموضوع في نفس الامر فكيف يسوغ تبدله مع بقاء ما هو عينه جعلا وتحققا اللهم الا باعتبار بعض الملاحظات العقلية.
وأيضا يلزم من حركه في الوجود عدم بقاء المتحرك بالفعل ما دام كونه متحركا لان المتحرك ليس له تلبس في ابعاض زمان حركه وآناته بما فيه حركه فليس يمكن ان يتحرك الشئ فيما لا يتقوم هو الا به كالوجود والصور الجوهرية وفوق هذا كلام آخر سيرد عليك تحقيقه إن شاء الله تعالى (2).