يتعرض (قدس سره) هنا لاعتبار التراضي، وما تقدم منه من كون التراضي مفروغا عنه لا يدل على اعتباره، نعم يمنع عن اطلاقه لصورة عدم التراضي، وحينئذ فالمتيقن من جواز الاندار ما إذا كان التراضي موجودا، فيوافق الخبرين عملا.
ثالثها: حمل الكل على صورة تحقق العادة، وحمل التراضي على التراضي بالاندار لا التراضي حال الاندار، فإن الاندار العادي بملاحظة لزومه للمعاملة يكون مرضيا به بالرضا بالمعاملة، فيكون كالشرط الضمني، وإلا فالتراضي حال الاندار لا يقتضي ثبوت الملك ولا زواله، وبالمعنى المتضمن للابراء أو الهبة لا يختص بصورة الاحتمال، بل يعم صورة العلم بالزيادة أو النقصان مع توافق الروايات على القصر على صورة الاحتمال، وإنما اعتبر التراضي في قبال أحد أمرين: إما عدم الالتفات إلى ملازمة المعاملة للاندار، وإما المعاملة بشرط عدم الاندار بالمقدار المعتاد، وحيث إن هذا التراضي ليس أمرا معتبرا حال الاندار وإنما هو التراضي المعاملي على وجه خاص، وكان مفروغا عنه في مورد موثقة حنان، وكان السؤال مسوقا لأمر آخر فلذا لم يصرح (عليه السلام) بعنوان التراضي بالاندار بالمقدار العادي.
نعم ينبغي حمل العادة المبني عليها عرفا وشرعا على العادة بنحو الموضوعية لا بنحو الطريقية، لبناء العرف والشرع على عدم الرجوع مع انكشاف الخلاف، كما أن العادة حيث كانت بحسب طبعها الأولي بعنوان تعيين وزن الظرف فلذا كانت مقصورة على صورة الاحتمال لا صورة العلم بالزيادة أو النقيصة.
ومما ذكرنا يتضح مطابقة الروايات للقاعدة، لا أنها تفيد التعبد بالاندار، وعليه فإذا كانت هناك عادة على الاندار بما يعلم زيادته على وزن الظرف أو نقصانه عنه كان حاله بحسب القاعدة حال العادة في مورد الاحتمال، وإن كانت الروايات قاصرة الدلالة عن حكم غير صورة الاحتمال.
وأما ما أفاده المصنف (رضي الله عنه) من أنه مع الاحتمال وعدم العادة يجوز الاندار، غاية الأمر مراعى بعدم انكشاف الخلاف، ومع العلم بالزيادة أو بالنقيصة، ومع تحقق العادة يجوز مبنيا على أحد أمرين: إما كون العادة بمثابة من الظهور بحيث تكون