أما الأول فنقول: الاندار تارة في مورد تحقق فيه هناك عادة بنى عليها العرف والعقلاء بحسب أنواع المظروفات من الزيت والسمن وغيرها بطرح عشر المجموع أو أقل منه أو أكثر، وأخرى لا تكون هناك عادة لعدم تداول المعاملة عليه مثلا أو لغيره، فإن كانت هناك عادة فهي تارة بعنوان الطريقية إلى مقدار الظرف واقعا غالبا، وأخرى لا بعنوان الطريقية، بل لحكمة أخرى يقتضي رعاية المشتري أو البائع باسقاط مقدار خاص للظرف.
فإن كانت العادة المبني عليها بعنوان الطريقية فلها خواص ثلاث:
إحداها: قصر موردها على صورة احتمال الزيادة والنقيصة فقط دون العلم بأحد الطرفين، حيث لا تقيد بعنوان الطريقية إلى الواقع إلا في مورد الاحتمال.
ثانيتها: عدم اعتبار التراضي، إذ مع الطريق الذي بنى عليه العقلاء وأمضاه الشارع ينطبق ما يستحقه البائع على ثمانية دراهم مثلا، فليس للبائع مطالبة الزائد ولا للمشتري الامتناع منه.
ثالثتها: رجوع البائع أو المشتري عند انكشاف الخلاف كما هو مقتضى الطريق بما هو طريق.
وإن كانت العادة لا بعنوان الطريقية فلا موجب لقصرها على صورة الاحتمال، كما لا موجب للرجوع مع انكشاف الخلاف.
وأما التراضي فإن كانت العادة المزبورة ملتفتا إليها البائع (1) والمشتري فالاقدام على المعاملة التي لها هذا اللازم العادي عن الرضا المعتبر في العقد اقدام على اللازم عن رضا، فلا يحتاج إلى تراض جديد حال الاندار، بخلاف ما إذا لم يكن لهما التفات باللازم فلا اقدام منهما إلا على ذات ما يقتضيه العقد، فلا بد من تراض جديد يرجع إلى الهبة أو الابراء.
ومنه تبين حال ما إذا لم يكن هناك عادة بأحد المعنيين، فإنه لا بد من التراضي الراجع إلى معاملة جديدة، سواء كانت الزيادة والنقيصة محتملة أو معلومة.