ومنه يظهر أن اقباض الجميع المتضمن لاقباض ماله الموجود في الصبرة لا يعقل أن يكون أمانة بتمامها، إذ الأمانة لا يتعلق بمال الشخص بنفسه، بل بمال غيره، فلا محالة اقباض الجميع - بما هو لا بعناية التعيين - إشاعة لا يتصور إلا إيفاء لماله، وأمانة لمال البائع، غاية الأمر أن الايفاء له حيثيتان، حيثية الخروج عن قاعدة التلف قبل القبض، وحيثية حساب التالف عليهما معا أو على المشتري، فالايفاء بمعنى أنه مع التلف بتمامه لا يرجع إلى البائع محقق، والايفاء بمعنى أنه لا يتعين الباقي للمشتري غير محقق، لتوقفه على التعيين افرازا أو إشاعة، أو ما هو بحكم الإشاعة بانقلاب ملك البائع من الشخصية إلى الكلية، وكل ذلك إما غير مفروض أو غير معقول، ومنه تبين أن حساب التالف عليهما بلا وجه على أي حال، فتدبره فإنه حقيق.
وأما على ما سلكناه من عدم كون المبيع كليا خارجيا بالمعنى المعروف، فكما لا إيفاء من حيث التعيين كذلك لا إيفاء من حيث الاقباض، فإن الصبرة بتمامها ذاتا وحصة وخصوصية ملك البائع، فلا اقباض لملك المشتري أصلا إلا بعد التعيين افرازا أو إشاعة، وهو واضح جدا.
- قوله (قدس سره): (وحينئذ يقع الاشكال في الفرق بين المسألتين... الخ) (1).
ويمكن تقريب الاشكال: - بعد ظهور الصاع مثلا في الكلي - أن المبيع إن كان نفس الصبرة والمستثنى كلي الصاع كان البائع هنا كالمشتري في تلك المسألة لا يحسب عليه شئ، حيث إن الكلي لا تلف له إلا بتلف جميع الصبرة كما تقدم (2)، وإن كان المبيع تسعة أصواع مثلا بجعل المستثنى والمستثنى منه بمنزلة تحديد (3) المبيع بتسعة أصواع كان المبيع هنا كالمبيع في المسألة المتقدمة لا يحسب على المشتري شئ، وعلى أي حال لا يحسب التالف عليهما بالنسبة.