وأما التوسعة المتقدمة في الصورة الثانية فتقريبها: أنك قد عرفت (1) أن حبس العين بشخصها لأجل التوصل إلى منفعتها الخاصة، فالانتفاع الخاص هو المقصود بالأصالة وحبس العين بشخصها مقصود بالتبع، ولا يكاد تقع المزاحمة بين المقصود بالأصالة والمقصود بالتبع، فكذا هنا إذ البيع إن كان لاشتراء دار أوفى بغرض الواقف وهو سكنى أولاده فلا يكاد يكون منع من قبل الواقف بالإضافة إلى شخص العين، مع أن بدلها أوفى بغرضه، والمفروض على هذا المبنى أن المنع عن البيع ليس تعبديا بل بعنوان انفاذ الوقف الذي فرض هنا عدم المنع من قبل واقفه فتدبر.
- قوله (قدس سره): (عدا رواية ابن محبوب عن علي بن رئاب (2)... الخ) (3).
في هذه الرواية جهات من الاشكال ينبغي التعرض لها ولدفعها:
منها: الجمع بين الوقف والوصية، فإن الوقف إذا كان قبل الوصية فالوصية باطلة، لعدم كون موردها ملكا للموصي، وإن كان بعد الوصية فالوقف ابطال لها ورجوع عنها، وإن كانا متقارنين فالجمع بينهما في أن شاء واحد - بحيث يكون سبب الوقف والوصية واحدا من حيث الانشاء، مع أنه في نفسه غير معقول لعدم الجامع بينهما - يوجب نفوذ الوقف وبطلان الوصية، لتوقف الوصية على الموت دون الوقف، فيتم السبب بالإضافة إلى ملكية العين المستلزمة لملكية منافعها، فلا يبقى موقع لنفوذ الوصية بالموت، ولا معنى لتوقفهما معا على الموت حتى يتقارنا في التأثير، لأن التعليق في الوقف مانع عن نفوذه شرعا.
ويندفع: بأن الوصية بعنوان الشرط في الوقف وحيث إن متعلقه الملكية للمنفعة الخاصة بعد الموت عبر عنه بالوصية، فقوله " أوصى " أي ملك بعد الموت بنحو الاشتراط في ضمن الوقف، فلا يؤثر الوقف إلا في ملكية العين بما زاد على المنفعة المشترطة على الموقوف عليه.