ليجدي التعبد بوجوده، ولا من حيث البناء العملي من العقلاء على الأصل مطلقا ليقال بأنه لم يعهد منه (قدس سره) ولا من المشهور تقييد اتباعه بعدم الظن بالخلاف، ومنه يتضح استقامة قوله (رضي الله عنه) فيما بعد (ولو فرضناه في مقام لا يمكن التعويل... الخ)، نعم قوله (من الطرق... الخ) يوهم خلاف ذلك، وأن مناط كفايته تعارف التعويل عليها.
- قوله (قدس سره): (وكيف كان فإذا باع أو اشترى... الخ) (1).
توضيح المقام ببيان ما يتصور من الأقسام وما لها من الأحكام فنقول:
إذا اشترى ما شاهده على وصف عند البيع، ثم تبين خلافه لخطأ في الحس، فالظاهر صحة البيع من دون خيار، أما الصحة فلأن الشرط في الصحة - وهي المشاهدة - متحقق، وإنما العبرة بها لا بالوصف المشاهد، فإن السمن والهزال لا يعتبران في الصحة، بل الاعتبار بمشاهدة المبيع بما هو على الوصف.
وأما عدم الخيار فلأن الوصف لم يؤخذ في المبيع، وإنما اشترى ذات الموصوف مع مشاهدة وصفه الباعثة على شرائه، فلم يتخلف إلا الداعي، بل ربما لم يتخلف الداعي أيضا، وإنما شاهده تصحيحا للعقد لا تحصيلا للوصف.
ومنه تبين الفرق بين المكيل والموزون وما نحن فيه، حيث إنه مع تبين الخلاف له الخيار كما تقدم، لأن الموجود مبائن للمعقود عليه مبائنة الجزء والكل، فيؤثر العقد في ملكية المقدار الموجود دون المعدوم، وقد مر (2) تفصيله، بخلاف ما نحن فيه فإنه لا مبائنة بالجزئية والكلية، والمبائنة بنحو آخر إنما توجب الخيار مع الالتزام بالوصف أو اعتبار نفسه في المبيع.
وأما إذا اشترى اعتمادا على اخبار البائع الموجب للظن، فالبيع صحيح لتحقق الشرط وهو الظن بوجود الوصف الرافع للغرر، ولا خيار فإن الاشتراء اعتمادا على الاخبار تصحيحا للبيع غير الاشتراء مبنيا على الوصف، كالوصف الذي لا يعتبر مشاهدته، وإنما اعتبره المشتري لغرض شخصي، فإنه لا فرق بينهما في ايجاب