الجائر جاز التقبل منه ونفذ بمقتضى الأخبار، ولا يجب الاستيذان خصوصا من الإمام (عليه السلام) ولا من نائبه العام، لكفاية الإذن العمومي في المقام.
كما أنه إذا أمكنه بعد التقبل منه أن لا يؤدي إليه الخراج وجب عليه أدائه إلى الإمام (عليه السلام) ونائبه العام، لعدم استحقاق الجائر لقبضه منه، وعدم اللابدية من إقباضه، فتسليطه على مال المسلمين يوجب الضمان، والضرورة تتقدر بقدرها، فضلا عما إذا تمكن من الاستيلاء على الأرض بالتقبل من الإمام (عليه السلام) أو من نائبه العام، فإنه لا مسوغ لمراجعة الجائر لا تكليفا ولا وضعا.
ومنه يعلم ما في القول بحرمة جحد الخراج وسرقته من السلطان، إلا أن يحمل على الاستبداد به مطلقا من دون مراجعة أحد حتى النائب العام.
تتميم: المنصوص عليه في الأخبار أن أرض العراق - المعبر عنها بأرض السواد - مفتوحة عنوة، وأنها فيئ المسلمين، ومع ذلك فالسيرة العملية على المعاملة معها معاملة الأملاك الخاصة، مع من كانت بيده.
ولا مدفع لهذه الشبهة إلا دعوى ثبوت موارد كثيرة للملك الخصوصي الموجب لانحلال العلم الاجمالي:
منها: الموات حال الفتح فإنها ملك الإمام (عليه السلام) فيملكها من أحياها، ولعل المشاهد المشرفة وجملة من بلاد العراق المستحدثة كذلك.
ومنها: الخمس من تلك الأراضي فإنها على المشهور يملكها من يستحق الخمس، فينتقل بالإرث وغيره إلى غيره.
ومنها: الأراضي التي كانت بيد أهل الذمة، فإنها ملك لهم وعليهم الجزية، فيصح نقلها إلى غيرهم والجزية في ذمتهم على المشهور، وفي قوله (عليه السلام) (إلا من كانت له ذمة) إشارة إلى وجود مثل هذه الأراضي في أرض السواد كما قدمناه (1).
ومنها: الأرض التي باعها الإمام (عليه السلام) ومن ينفذ منه البيع، لمصلحة راجعة إلى نوع المسلمين.