كون الرقبة موقوفة متروكة بيدي من يعمرها ويحييها، وذيلها يتضمن كون حاصلها يصرف في مصالح المسلمين، وأنه ليس لولي الأمر منه قليل ولا كثير، فهي بصدرها وذيلها تدل على عدم استحقاق الإمام (عليه السلام) من رقبة الأرض ومن ارتفاعها شيئا.
ولا يقال إنه (عليه السلام) ليس في مقام بيان الحقوق الإلهية المتعلقة بعينها أو بارتفاعها، لأنه (عليه السلام) تعرض فيها للزكاة، فيعلم منها أنه لا شئ من الحقوق الإلهية إلا ذلك، إلا أن المشهور شهرة عظيمة بحيث لم يذهب إلى خلافه أحد إلى زمان صاحب الحدائق (رحمه الله) هو ثبوت الخمس، والله أعلم بحقائق أحكامه.
(هل الأرض ملك للمسلمين أم لا؟) المقام الثالث: في بيان كيفية استحقاق المسلمين، وأنه هل بعنوان ملك الرقبة أو بنحو آخر؟
فنقول: ظاهر الأخبار وإن كان ملكية الرقبة للمسلمين، إما استغراقيا أو طبيعيا ونوعيا، لمكان اللام وإضافة الأرض إلى المسلمين، إلا أنه يقبل الحمل على مطلق الاختصاص، إذا كان صارف عن ظهوره، ولا صارف عنه إلا قوله (عليه السلام) (فهي موقوفة متروكة في يد من يعمرها ويحييها... الخ) (1) وغايته الدلالة على كون الأرض محبوسة متروكة، وهذا يجامع الملك ويلائم فك الملك أيضا، لا أنه ظاهر في خصوص فك الملك، ليعارض ظهور اللام والإضافة في الاختصاص المطلق المساوق للملك.
ومع ذلك فعن جماعة منهم الشهيد الثاني (رحمه الله) في جملة من كتبه (2)، والمحقق الأردبيلي (3) (قدس سره) أن الرقبة غير مملوكة، بل معدة لمصالح المسلمين، والمسلمون مصرف لحاصلها، وتوضيحه أن المصرفية لها احتمالات:
منها: أن الرقبة تكون ملكا لمن قام بعمارتها، ويكون حاصلها بينه وبين المسلمين بحسب جعل الإمام (عليه السلام)، لا بمعنى أن الحاصل مملوكا لهم، بل يصرف في ما يعود