وإن كان مما ذهب إليه جماعة، والخبر أيضا ظاهر فيه إلا أن مورده الوقف العام، وهو عنده (قدس سره) مما لا كلام في عدم جواز بيعه، ولذا قال (رضي الله عنه): (إن العمل أشكل) لكنك قد عرفت سابقا أن الاشكال فيه من حيث عدم ملك الرقبة، مع أن اللازم في صحة البيع ملك المبيع وكون البائع مسلطا على البيع فقط، فراجع (1).
أحكام الصور الأربع الأخيرة - قوله (قدس سره): (أما الجواز في الأول فلما مر من... الخ) (2).
الفرق بين ما ذكره (قدس سره) دليلا للجواز وبين ما نقله من الدليلين الآتيين في كلامه، أنه (قدس سره) في مقام عدم المانع من الجواز مع كفاية أدلة نفوذ العقد والبيع في اقتضاء الجواز، ومقتضى الدليلين الآتيين اقتضاء الجواز بما تضمناه، فلذا أشكل (قدس سره) عليهما بما سيأتي (3) إن شاء الله تعالى بيانه.
وملخص ما اختاره (قدس سره) دليلا للجواز: أن المانع من جواز بيع الوقف منافاته لحقوق الواقف والشارع والموقوف عليه، والكل مفقود هنا.
أما حق الواقف: فهو بملاحظة أن العين الموقوفة صدقة جارية له ينتفع بها البطون، فما دام سبيل إلى انتفاع البطون بها انتفاعا معتدا به لا مجال لبيعها، وبعد فرض سقوطها عن الانتفاع بها يدور الأمر بين رعاية شخص العين - ولو مع خروجها عن كونها صدقة جارية - أو رعاية نوعها المحفوظ ببدلها مع كونها صدقة جارية له، فالثانية أولى، لأن رعاية الأول ملازمة لعدم رعاية نوعه أيضا، وهو ينافي كونه صدقة جارية دون الثانية، والفرض أن البيع غير مناف لغرض البائع، لا أنه مقتض للتبديل لئلا ينافي ما سيأتي منه (قدس سره).
وبعبارة واضحة: ليس إبقاء العين إبقاء الصدقة الجارية حتى يجب رعاية لحق