فيستظهر ملك العين حينئذ بحبس العين عليه كما في القسم الأول، ومن البين أن وقف المدرسة - المصحح للانتفاع بها للطلبة - غير متكفل لاعتبار حصة من طبيعي المنفعة ولا متضمن لاشتراط على الطلبة، فليس هناك إلا حبس المدرسة عن الجري في أنحاء التقلبات، وأن الطلبة مورد ومصرف لها بالانتفاع بها.
وأما الثالث: فالأمر فيه واضح، حيث إنه لا تسليط على الانتفاع من قبل الواقف، كما لا ملك للمنفعة حتى من الشارع ليكون كاشفا عن ملك العين.
وأما الرابع: فالأمر فيه أوضح من الكل، حيث إنه لا سلطنة على الانتفاع شرعا أيضا، فلا يعقل أن يكون ملكا لعام أو خاص.
ودعوى أنه ملك لله تعالى في هذه الأقسام الثلاثة الأخيرة - مع لغويتها - مجازفة بنية إذا ادعي كونه كذلك بانشاء الواقف، وقول بلا دليل إذا ادعي أنه من قبل الشارع.
- قوله (قدس سره): (وأما الثاني فالظاهر عدم الخلاف في عدم جواز بيعه... الخ) (1).
وكذا لا يجوز إجازته لعدم ملك المنفعة على الفرض، فكما أن البيع يتقوم عندهم بملك العين فكذا الإجارة بملك المنفعة، مع أنه ربما يحكى عن بعضهم جواز الإجارة حتى في مثل المسجد إذا خرب ولم يمكن الانتفاع به، مع أن المحكي عن جماعة جواز بيع آلات المسجد وأجزائه أحيانا، فضلا عن غيره.
والتحقيق: أن بعض المباني الصحيحة لا يمنع عن البيع والإجارة في غير المسجد، وأما في المسجد فسيأتي إن شاء الله تعالى ما ينبغي القول فيه فنقول:
أما غير المسجد من الخانات والمدارس والقناطر - بناء على ما عرفت من عدم كونها بأعيانها وبمنافعها ملكا لأحد - فمن يقول إن البيع تمليك العين المملوكة والإجارة تمليك المنفعة المملوكة فلا يجوز شئ منهما على مبناه، وجواز البيع - بالدليل نصا كان أو استفادة من غرض الواقف الممضي شرعا - غير معقول، لأن تجويز أمر غير