فإن بذل المال بإزائها سفه وأكل بالباطل، مع أنه قد اعترف في أول تعليقته (1) بأن المباحات كالكلي مال، وإن لم يكن ملكا وهو الصحيح، فإنها في حد ذاتها أموال بل من أعلاها وأغلاها، كما أن المانع ليس عنوان الأكل بالباطل، فإنك قد عرفت (2) أن أصل تمليكها بلا وجه، وإن كان بعنوان الهبة لا بعنوان المعاوضة.
- قوله (قدس سره): (واحترزوا به أيضا عن الأرض المفتوحة عنوة... الخ) (3).
هذا إنما يصح إذا قلنا بعدم كونها ملكا للمسلمين بجميع أنحائه المتصورة، بل كانت من قبيل فك الملك وجعل أمرها إلى ولي الأمر، ليصرف حاصلها في مصالح المسلمين، وأما إذا كانت ملكا لهم بوجه وإن كانت الملكية مقيدة بحيث لم يكن لآحاد المسلمين التصرف فيها عينا أو منفعة فلا تخرج حينئذ بمجرد التقييد بالملك، بل لا بد من إضافة خصوصية إلى الملكية ليصح الاحتراز بواسطة تلك الخصوصية، وحيث إنه يجوز لولي الأمر عند الحاجة بيعها وصرف ثمنها في مصالح المسلمين، فيكشف عن كونها مملوكة لهم، إلا أن أمر هذا الملك وملك التصرف لولي الأمر، فلا يجوز بيعها لآحاد المسلمين، سواء كانت ملكا لهم استغراقيا أو نوعيا وطبيعيا، من جهة عدم ملك التصرف لهم، ولا ينفذ البيع بدونه.
ثم إعلم أن تطبيق ملكية الأرض المفتوحة عنوة على سائر أنحاء الملكية لا يخلو عن صعوبة، إذ الالتزام بمالكية جميع المسلمين من الموجودين والمعدومين حال الفتح مشكل:
أولا: لما فيه من الالتزام بملك المعدوم الذي لا يساعده الاعتبار العرفي، وإن لم يكن فيه محذور عقلي.
وثانيا: ما ذكره (رحمه الله) من أن لازمه الانتقال بالإرث، وإلا لكان منافيا لقاعدة الإرث مع أنهم لا يلتزمون بالإرث، الذي يلزمه تفاوت آحاد المسلمين في أعيان