السراية إلى مطلق الانتفاع، لا أنه يوجب بطلان أثر الأول، فهنا مانعان وزوال أحدهما لا ربط له بزوال الآخر، ولعله وجه نظر المصنف (قدس سره).
ولا يخفى أن كلام صاحب المقابيس (رضي الله عنه) هنا غير مبني على بطلان الوقف بتعذر الجهة المقصودة حتى يندفع عنه ما أوردناه، وذلك لأن كلامه صريح في أن جواز التملك والحيازة لخصوص الموقوف عليهم، ولو كان الوقف باطلا وكانت العين كالمباحات الأصلية لكان الموقوف عليه وغيره في جواز التملك بالحيازة على حد سواء، بل نظره (قدس سره) إلى تعميم الانتفاع حتى بالحيازة فتدبر.
- قوله (قدس سره): (ولو أتلف شيئا من هذه الموقوفات... الخ) (1).
أما ما ذكره (رحمه الله) في وجه عدم ضمان العين - من الملازمة بين ضمان العين وضمان منافعها، وحيث لا يضمن منافعها فلا يضمن العين -.
فمدفوع أولا: بأن المحكي عن الدروس ضمان المنافع في المدرسة والمسجد.
وثانيا: أنه لا ملازمة، فإن منافع الحر إذا استوفاها ظالم مضمونة، مع أن الحر غير مضمون، والمنافع الفائتة تحت اليد على قول المشهور غير مضمونة، مع أن العين التالفة تحت اليد مضمونة، فلا ملازمة من الطرفين.
وأما ما ذكره في وجه الضمان من عموم على اليد فتفصيل القول فيه:
تارة يقع الكلام في مقام الثبوت: وأنه هل يعقل الضمان مع عدم من يملك على الضامن؟ حيث إن التالف أو المتلف لم يكن ملكا لأحد، ولا معنى للضمان إلا اشتغال الذمة ببدل التالف، ولا معنى لاشتغال الذمة به إلا كون شخص مالكا للمثل أو القيمة في ذمة شخص آخر، فمع عدم المضمون له حيث إن البدل لم يكن ملك أحد حتى يكون مالكا لما في ذمة الغير لا يعقل الضمان - المتقوم بما في الذمة ومن له ومن عليه -، وبناء عليه لا تصل النوبة إلى المناقشة في مقام الاثبات من حيث ظهور التأدية في التأدية إلى مالك المال التالف تحت اليد.