المملوكة لولا هذه الخصوصية قابلة للنقل، وهذه الخصوصية متعلقة للغرض ما دام الامكان، فإذا لم يمكن استيفائها بالمباشرة بل بالنقل أو لا يمكن حفظ العين الموقوفة بشخصها إلا بإجارتها وصرف حاصلها في ابقاء الوقف، فلا محالة يسقط خصوصية المباشرة الموجبة لرجوع ملك المنفعة إلى ما يساوق ملك الانتفاع، إلا أن هذا المبنى في ملك الانتفاع هنا فاسد كما بيناه (1) سابقا.
كما أن التوسعة في أمر الإجارة بجعلها التسليط على العين للانتفاع بها لا يجدي هنا، إذ الانتفاع المسلط عليه في ضمن التسليط على العين هو القائم بالموقوف عليه وهو غير قابل للنقل، ولا يقول أحد بمثله في باب الإجارة، فإن من لا يقول بأن الإجارة تمليك المنفعة ويقول بأنها تسليط على العين، فإنما يجعلها التسليط على العين لاستيفاء المنفعة لا للانتفاع بها، والأول قابل للنقل دون الثاني.
ومما ذكرنا تبين حال الحصير الموقوف على المسجد، فإنه كسائر الأوقاف العامة لا كالمسجد، فلا يتوقف بيعه وإجارته على فرض كونه ملكا للمسلمين كما هو ظاهر المصنف (قدس سره)، كما أنه تبين أن الأوقاف العامة التي ليس لأجل انتفاع المسلمين بل لغرض آخر، كالمعلقات ونحوها الموقوفة لتزيين المشاهد المشرفة تعظيما لشعائر الله تعالى - إذا بلغت حدا لا يترقب منها هذا الغرض - مع أنه يجب ابقائه لهذا الغرض ما دام الامكان، فإنه يجوز بيع بعضه لاصلاح البعض أو بيع الكل وشراء غيره مما يزين به المشهد الشريف.
والغرض من هذا البيان أن حال الأوقاف العامة - التي ليست بأعيانها ملكا ولا بمنافعها بل ولا بانتفاعها - حالها حال الأوقاف الخاصة، من حيث جواز البيع والإجارة في موقعهما الذي يقال به في الأوقاف الخاصة، لا بيان الاستدلال على الجواز كلية فتدبر جيدا.
وأما المسجد فمختصر القول فيه: إن للمسجد حيثيتين:
حيثية المسجدية وجعل الأرض، أو مع بنائه مسجدا قولا أو فعلا، بحيث يترتب