الطبيعة يقتضي عقلا تفويض الأمر في تطبيقها على أفرادها إلى من أوجبها عليه، كذلك تمليك المشتري للطبيعة يقتضي تفويض الأمر إليه في تطبيقها على أفرادها، والفرق يتضح بملاحظة الوجه في تخيير من وجب عليه بين أفراد الطبيعة، وهو أن المولى إنما يستحق العمل على عبده بطلبه وبعثه، فإذا كان متعلقه نفس الطبيعة من دون أخذ خصوصية معها فلا يستحق عليه خصوصية، ومتى لم يستحق عليه فلا معنى لاقتراح المولى خصوصية على عبده في مقام الامتثال.
وأما في مرحلة التمليك فالمشتري لم يستحق من البائع شيئا إلا بمقدار تعلق بيعه وتمليكه إياه، فإذا فرض تعلقه بنفس الطبيعة من دون أخذ خصوصية فلا يستحق المشتري خصوصية، ومتى لم يستحق خصوصية فلا معنى لاقتراح خصوصية على البائع، فلذا يكون أمر تطبيق الطبيعة بيد البائع، والضابط أن المستحق لا يجوز له المطالبة من المستحق عليه إلا بمقدار ما يقتضيه موجب الاستحقاق، فتدبر جيدا.
نعم إذا تعلق عقد أو ايقاع بالواحد المردد بظاهره، كما في عتق أحد العبدين وطلاق إحدى الزوجتين والوصية بأحد الشيئين - وقلنا بأنه غير معقول إلا بارجاعه إلى ما له نحو من التعين واقعا - فلا محالة تختلف المقامات، فيراد مثلا عتق من يقع عليه سهم القرعة واقعا، أو من يختاره المالك، وطلاق من يختاره الزوج، أو الشئ الذي يختاره الوصي في الوصية العهدية والموصى له في الوصية التمليكية، وهو أجنبي عما نحن فيه.
- قوله (قدس سره): (ومنها أنه لو تلف بعض الجملة وبقي مصداق... الخ) (1).
أما على ما هو المعروف من كون المبيع كليا موجودا في الصبرة، بدعوى أنه صرف الوجود لئلا يلزم الابهام والجهالة، ولو من حيث ذوات الحصص، فلأن صرف الوجود لا تلف له إلا بتلف تمام الصبرة، فالتالف أفراد متميزة هي للبائع، والمملوك صرف الوجود الذي لا تلف له بعد وجود صرف الصاع، فلا موجب لانحلال البيع