بقوله (عليه السلام) (من أحيى أرضا ميتة فهي له قضاء من الله ورسوله (صلى الله عليه وآله)) (1) فإنه ظاهر في أن الاحياء بحكمه تعالى وحكم الرسول يكون مملكا، لا بإذن مالكه، وإضافة الرسول (صلى الله عليه وآله) إليه تعالى من حيث إنه شارع لا من حيث إنه مالك، فتدبر.
وفي قبال هذا الوجه المناقشة في إمكان الترخيص في الاحياء، بدعوى أن الغرض من تشريع الأنفال التوسعة في مال النبي (صلى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام)، والأرض ما دامت ميتة لا ينتفع بها، وإذا صارت محياة فهي ملك لمن أحياها، فمتى ينتفع النبي (صلى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام) بها؟!
وفيه: أن جعلها ملكا للنبي (صلى الله عليه وآله) والإمام (عليه السلام) تشريف لهم لا توسعة في مالهم (عليهم السلام)، مع أنهم (عليهم السلام) على أي حال لا ينتفعون بها خارجا، سواء صدرت الرخصة منهم (عليهم السلام) في الاحياء أم لا، لغلبة سلطان الجور المتصدي لذلك، مع أنه في الحقيقة إبطال للاحياء المسلم مشروعيته بإذنهم (عليهم السلام)، كما أن إفادته للملك كذلك، هذا بعض الكلام فيما يناسب هذا المقام.
المقام الثالث: فيما تعرض (قدس سره) له في المتن وهو أن الأرض تملك بالاحياء - كما ادعى عليه إجماع المسلمين - أو يباح التصرف فيها بالاحياء، ووجوب الخراج الذي هو أجرة الانتفاع بالأرض.
والمسألة وإن كانت اتفاقية - كما في المتن - إلا أن أخبارها مختلفة، فظاهر قولهم (عليهم السلام) (من أحيى أرضا ميتة فهي له) هو إفادة الاحياء للملك، لظهور اللام فيه، خصوصا مع التأكيد بقوله (عليه السلام) (ليس عليه إلا الصدقة)، ومقتضى صحيحة الكابلي وصحيحة عمر بن يزيد - من حيث الظهور في حلية التصرف من قبلهم (عليهم السلام)، ومن حيث إيجاب الخراج المنافي لكونه ملكا - هو عدم حصول الملكية بالاحياء، ولا يخفى أن المسألة من حيث أداء الخراج وإن لم يكن لها أثر عملي لأن هاتين الصحيحتين معارضتان بأصرح منهما، مما دل على سقوط الخراج إلى قيام الحجة (عجل الله فرجه)، إلا أن دلالة الكل على عدم التملك بالاحياء محفوظة، فإن سقوط