حكم التفقه في التجارة - قوله (قدس سره): (فإن معرفة الحلال والحرام واجبة... الخ) (1).
توضيح المقام: أن وجوب المعرفة تارة يكون بحكم العقل، وأخرى يكون بالنقل.
أما الأول: فينحصر الوجه فيه في الوجوب المقدمي الذي يحكم به العقل، ولا وجوب مقدمي إلا إذا كان المعرفة مقدمة وجودية للواجب والحرام، ومن البين عند التأمل أن المعرفة لا مقدمية لها إلا في موردين:
أحدهما: معرفة الموضوع وتعلمه، كتعلم القراءة الواجبة أو تعلم الصيغة التي يتسبب بها إلى المعاملة، فإنه لا يمكن وجود القراءة مثلا إلا ممن تعلمها، لكنه خارج عن معرفة الأحكام التي هي محل الكلام.
ثانيهما: ما إذا كان الانشاء المتكفل للبعث مثلا انشاء بداعي البعث على أي تقدير، فإنه لا يعقل الانبعاث عنه على أي تقدير إلا بعد معرفته، وهذا مبني على اعتبار الجزم في النية، وإلا فذات العمل الواجب لا يتوقف على معرفة وجوبه، بل هو مقدور بذاته أو بمقدماته، فيتمكن من إيجاده بايجاد محتملاته، ولا يخفى أن وجوب المعرفة أمر واستحقاق العقوبة على فعل الحرام الواقعي وترك الواجب الواقعي عند المصادفة أمر آخر، فالواقع وإن تنجز بالعلم الاجمالي الكبير بالأحكام أو باحتماله في خصوص مقام قبل الفحص، لكنه لا يجب بوجوبه المنجز إلا مقدماته، ومعرفة الحكم ليست منها، فلا ملازمة بين استحقاق العقوبة على الواقع ووجوب معرفته، غاية الأمر أنه إذا تفحص عنه ربما يعلم بعدمه فلا واجب حتى يتنجز، لا أنه يعاقب عليه مطلقا لو ترك التعلم، ليتوهم أن ترك التعلم يوجب العقوبة