هذه المعاملة تغرير بنفسه، فكأنه يغر نفسه، فالملتفت إلى أنه غير مقدور التسليم عمله عمل الغافل، فالنهي عن الغرر - بمعنى الخديعة - نهي عن تغريره بنفسه في المعاملة التي لا تكاد تصدر إلا من الغافل المغرور، فتدبر.
- قوله (قدس سره): (ولا وجه لتقييد كلام أهل اللغة... الخ (1)).
ربما يقال: إنه ليس من باب تقييد كلام أهل اللغة، بل من باب أن الغرر في البيع الذي هو تبديل مال بمال لا بد أن يكون في الطرفين اللذين يتقوم بهما التبديل المعاملي، وهو لا يكون إلا من حيث الجهل بهما ذاتا وصفة كما وكيفا، والحصول في اليد كالبقاء في اليد أمر خارج عن المعاملة، فالخطر فيه وإن كان مصداقا للغرر، إلا أنه غرر في غير ما يتقوم به البيع، فلا يكون مشمولا للغرر البيعي المنهي عنه.
وفيه: أن التمليك والتملك الاعتباريين - بما هما - لا خطر فيهما، بل بلحاظ ما يترتب عليهما ترتب المقتضي على مقتضيه، فإنه حيث يملك ما بيده أو عليه شيئا فمقتضى العقد شرعا وعرفا تسلمه منه، فإذا فرض أن بدله غير قابل للتسليم كان العقد بلحاظ أثره غرريا، حيث لا يصل إليه بدل ما يخرج من يده، ومن الواضح أن تسليم ما بيده وتسلم ما بيد الغير من مقتضيات المعاملة، بخلاف بقاء ما تسلمه بيده فإنه ليس من مقتضيات العقد، فالغرر من حيث الحصول في يده غرر في المعاملة بما لها من المقتضي، والبقاء في يده ليس غررا في المعاملة بمقتضاها، ومنه تبين أيضا وجه كون الغرر من حيث الحصول أعظم من الغرر من حيث الذات والصفة كما وكيفا.
- قوله (قدس سره): (وما أبعد ما بينه وما بين عن قواعد الشهيد (2)... الخ) (3).
ولعل الوجه فيما أفاده (قدس سره) أن بناء المعاملة - على أي حال - على تسليم ما بيده