3 - أما معرفة أعداء النبي بالنبي (صلى الله عليه وآله) فهي تختلف في مضمونها، وفي آثارها ونتائجها عن معرفته بهم، فإنهم وان كانوا يعرفون نبوته وصدقه وأمانته، ولا يشكون في حقانية ما جاء به إلا أنه يجهلون الكثير الكثير من آثار الاسلام، والايمان، ولا يعرفون الكثير عما يحدثه الالتزام بتعاليمه وشرائعه من تغييرات عميقة في فكر وروح الانسان وفي شخصيته، وفي كل وجوده نعم، انهم يعرفون صدق هذا النبي، وصحة نبوته، وحقانية ما جاء به، إلى درجة أن اليهود يعرفونه كما يعرفون أبناءهم، ويجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل أما المشركون، فقد عاش النبي (صلى الله عليه وآله) بينهم، وعرفوه طفلا ويافعا، وشابا ومكتهلا، وهم الذين سموه بالصادق الأمين. ورأوا منه الكثير من المعجزات والكرامات والخوارق. وعاينوا وسمعوا منه من الحجج ما يقطع كل عذر، ويزيل كل شبهة وريب، حتى لم يعد امامهم الا البخوع والتسليم، أو الاستكبار والجحود على علم فالزموا أنفسهم بالخيار الثاني، كما حكاه الله تعالى عنهم:
" وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا " فكال من نتيجة ذلك: أن أصبح محض الحق، يواجه محض الكفر والجحود وظهر بذلك صحة قوله (صلى الله عليه وآله) حين برز علي عليه السلام لعمرو بن عبد ود الذي وضع المشركون فيه كل آمالهم: " برز الايمان كله إلى الشرك كله " ولا عجب بعد هذا إذا تعاون أهل الشرك والأوثان، مع اليهود مدعي التوحيد. بل لا عجب إذا رأينا هؤلاء اليهود، الذين يدعون