الثالث: إننا لا نوافق أن من حقهم أن يقولوا ذلك، حتى لو كان القائلون هم المؤمنون، وذلك لانهم قد رأوا من الآيات والخوارق والكرامات للنبي (صلى الله عليه وآله) وهم يحفرون الخندق الشئ الكثير. فكان من المفروض فيهم أن يتيقنوا بنصر الله سبحانه لهم، وبصدق ما أخبر به نبيهم الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. ولكن لم تكن تلك الكرامات تقتصر على مجرد التصور العقلي لهم. بل كانت تتعدى ذلك لتكون ممارسة حسية لكل فرد فرد منهم، كما كان الحال بالنسبة لاطعام أهل الخندق جميعا من وليمة جابر الرابع: ان مراجعة الآيات القرآنية تعطينا: أن الذين زاغت أبصارهم وبلغت قلوبهم حناجرهم، وظنوا بالله الظنون هم غير المؤمنين الذين كانوا ثابتين في حصون الايمان لكن هؤلاء المؤمنين قد تأثروا من حالة إخوانهم، فوقعوا في البلاء والزلزال، فقد قال تعالى مخاطبا المسلمين " إذ جاؤكم من فوقكم ومن أسفل منكم، وإذ زاغت الابصار وبلغت القلوب الحناجر، وتظنون بالله الظنونا هنالك ابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالا شديدا " (1) فترى أنه تعالى قد تحدث عن المؤمنين بطريقة الحديث عن الغائبين، مع أنه لو كان المراد جميع المسلمين لكان السياق يقتضي أن يقول: " هنالك ابتليتم وزلزلتم " أضف إلى ما تقدم: أنه لو كان الامر كذلك لم يقل: " هنالك
(٢٤٠)