وتدب إلى القلب مخافته، متسللة من منازل قريظة الغدرة الخائنين " (1) ونقول:
لقد اشتبه هيكل في تصوره وفي تصويره أيما اشتباه، وذلك لأمور:
الأول: ان الله سبحانه قد حكى طائفة مما ذكر آنفا عن المنافقين، والذين في قلوبهم مرض، فقال: " وإذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض: ما وعدنا الله ورسوله الا غرورا. وإذ قالت طائفة منهم: يا أهل يثرب لا مقام لكم فارجعوا ويستأذن فريق منهم النبي، ويقولون: إن بيوتنا عورة وما هي بعورة، إن يريدون إلا فرارا " (2) فهل كان المنافقون والذين في قلوبهم مرض على حق في قولهم هذا؟!
وقد صرح المؤرخون - حسبما تقدم وسيأتي أيضا - بان المنافقين هم الذين قالوا: يعدنا محمد كنوز كسرى الخ الثاني: ان هذه الأقوال - كما تقدم - إنما صدرت بادئ الامر من المنافقين قبل مجئ الأحزاب، وقبل نقض بني قريظة للعهد، إذ قد صرحت الروايات بأنهم قد قالوا ذلك حين حفر الخندق، توقعا لمجئ قريش والأحزاب، ثم قالوا بعد اشتداد الحصار. فلو سلمنا لهيكل قوله ذاك، نقول له: ما هو المبرر لرعبهم قبل مجئ الأحزاب ولم يكن ثمة ما يوجب الخوف إلى هذه الدرجة