ابتلي " بل كان عليه أن يقول: وابتليتم. فكلمة " هنالك " تشير إلى أن الابتلاء للمؤمنين قد حصل حينما ظننتم بالله الظنون، وبلغت قلوبكم حناجركم على أن من الواضح: أن ظن الظنون بالله لا ينسجم مع الايمان بل هو ينافيه. وقد تحدث تعالى عن المؤمنين فذكر انهم لم يظنوا الظنون هنا، بل زاد ايمانهم عمقا ورسوخا. فقال تعالى: * (ولما رأى المؤمنون الأحزاب قالوا: هذا ما وعدنا الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، وما زادهم إلا ايمانا وتسليما. من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا) * بقي ان نشير هنا إلى أن المراد بابتلاء المؤمنين هو أن مسؤولياتهم أصبحت أكبر وأخطر من ذي قبل، وأصبحت كل المصائب والآلام الناتجة عن هذا الحصار، من انهزام المسلمين روحيا، والخوف على الذراري والنساء، وما صاحب ذلك من تحمل مشقات وجهد وسهر - ان ذلك كله - قد انصب على رؤوس ثلة قليلة مجاهدة صابرة، قد لا يتجاوز عددها عدد أصابع اليدين أو حتى اليد الواحدة إذ أن من الغني عن البيان: ان تحقيق وعد الله ورسوله لهم بالنصر، لا يعني أن لا يتحملوا المشقات والمصاعب والآلام الكبيرة وان لا يبتليهم بالمواجهات الخطيرة، التي تصل إلى درجة الاستشهاد بالنسبة إلى بعض الافراد، لان الوعد إنما هو للمجموع العام ولأهل هذه الدعوة بصفتهم العامة، وإن كان افراد كثيرون يستشهدون، أو يمتحنون بالمصائب والبلايا والرزايا
(٢٤١)