اتخذت صفة هجوم شامل عليهم، من مختلف المواضع والمواقع، إذ جاؤوكم من فوقكم ومن أسفل منكم يقابل ذلك ضعف ظاهر لدى المسلمين، في العدة وفي العدد واختراق خطير من قبل الأعداء لصفوف أهل الايمان، من خلال قوى النفاق التي كانت تتغلغل داخل جسم هذا المجتمع الاسلامي الصغير والناشئ هذا كله بالإضافة إلى المشاكل المعيشية، والحياتية على مستوى الفرد والجماعة. سواء تلك المشاكل الناشئة عن الحروب والمواجهات مع الأعداء، أو المشاكل التي تنشأ عادة من صياغة حياة اجتماعية لفئات تعاني أصلا من تناقضات كثيرة فيما بينها، بسبب اختلافها في مستوياتها وفي حالاتها الطبيعية والعارضة، وبسبب وجود الكثير مما هو من مخلفات الجاهلية الرعناء ولا ننسى هنا الإشارة إلى ضعف تأثير العامل القبلي لدى الفريق الاسلامي، لان المسلمين كانوا لا يشكلون تيارا قبليا زاخرا وهادرا ذا لون واحد، لانهم عبارة عن مجموعات صغيرة من قبائل شتى، فيبقى الشعور والعصبية للقبيلة هو العامل الأضعف تأثيرا على صعيد رص الصف، وتقوية البنية، وتأكيد اللحمة الداخلية. وإنما الحالة الايمانية والدينية وحدها هي التي توحدهم، وتشد من أزرهم، وتشحذ فيهم الهمم، وتبعث فيهم روح الاباء والشمم. وقد كانت هذه الروح في بدايات تكوينها لدى الكثيرين منهم فلم تكن مؤهلة للصمود كثيرا وطويلا في المواضع الصعبة والخطيرة وأخيرا.. نشير إلى أن تحزيب الأحزاب قد انطلق من خلال قناعة تامة، ومن شعور أكيد بأن قوة المسلمين قد بلغت حدا لم يعد
(٢٣)