شعار يتجه نحو الواقع ليتجسد حقيقة ملموسة له، ويساهم هو في صنعها وفي بلورتها والامر الملفت للنظر هنا: ان يكون هذا اليقين قد أيقظه في نفسه كلمة حم، التي هي رمز التحدي الفكري كما تقدم في الجزء الثاني من هذا الكتاب مفصلا. وقد اقترن هذا التحدي الفكري بالتحدي بالعنف والقتال، كنتيجة طبيعية لعجز قوى الشرك، وهزيمتها المخزية والنكراء في مجال الفكر والمثل والقيم وأما بالنسبة للمشركين فالامر سيكون على عكس ذلك تماما فإنهم حين يسمعون هذه الكلمة (حم، لا ينصرون) لسوف يتمثلون حالة العجز والسقوط والهزيمة بكل أنحائها، وبكل مجالاتها. ولسوف تزرع هذه الكلمة اليأس والفشل في نفوسهم. فإنها كانت رمز التحدي القرآني لهم ولكل من هو على شاكلتهم، بالإضافة إلى إيحاءات أخرى، المحنا إليها فيما سبق كانت إيجابية بالنسبة لقوى الايمان ولسوف تكون معكوسة وسلبية بالنسبة لقوى الشرك والطغيان فليتأمل المتأمل فيما ذكرناه، وليتدبره كيف يتحول إلى الضد من ذلك على قوى الشرك، حتى لا نضطر إلى إعادة تفصيلية له غير أننا نلمح هنا إلى نقطة واحدة نضيفها إلى ما سبق، وهي أن هذا الشعار يقول: " لا ينصرون " بصيغة المبني للمجهول ولم يقل: " لا ينتصرون " ففيه الماح إلى أن المشركين لا يملكون معطيات النصر في أنفسهم فلا بد أن ينتظروا النصر من غيرهم، وليس ثمة ناصر لهم ولا معين، فهزيمتهم حتمية لفقدهم مقومات النصر من الجهتين فالمشرك يرى العجز والفشل الفكري والعقيدي بكلمة حم. كما أنه يتمثل الخواء من أي من القدرات والطاقات التي تخوله ان يصنع نصرا. فهو
(١٧٧)