وبعد ما تقدم نقول: اننا نلمح في النصوص المتقدمة محاولة للتحريف والتصرف في النص بهدف التعميم على حقيقة ما جرى حيث حاول ان يصور لنا: ان منع حسان وكعب من قول شئ انما كان لأجل قدرتهما على قول الشعر وقلته على غيره مع أن القضية ما كانت تتطلب الكثير من قول الشعر آنئذ، بل يكفي البيت أو البيتان ليرددهما الآخرون مدة طويلة، وفقا لما حفظه لنا التاريخ في هذه المناسبة. بالإضافة إلى أن الكثيرين كانوا يجيدون الشعر مثل كعب وحسان وأم يكن ثمة داع لتحاسد القوم في أمر كهذا في مناسبة كهذه ولا كان اللازم هو ان يحسدوا حسانا وكعب بن مالك في سائر المناسبات، ويمنعهما النبي (صلى الله عليه وآله) من هجاء المشركين ومن نظم الشعر في كثير من المناسبات الأخرى ولم نجد في ما بأيدينا من نصوص تاريخية ان حدث ما يشبه هذه القضية في اي مناسبات أخرى، لا مع النبي ولا مع غيره وذلك بجعلنا نطمئن إلى حدوث تجاوز منهما للحد أوجب ان يقف النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم منهما هذا الموقف الحازم والحاسم فليتأمل في تاريخ حياة هذين الرجلين فقد يجد المتتبع فيها الكثير مما لا يحسن ولا يجمل، وقد تقدم في أواخر الحديث عن غزوة بني النضير شئ غريب صدر في حسان، وربما تأتي الإشارة لأشياء أخرى صدرت منه ومن غيره، والله هو المسدد والهادي
(١٢٣)