سواحل الشأم وثغوره وما إليها مثن أنطاكية والعلايا وطرسوس والمصيصة وطرابلس وصوريا والإسكندرية ولذلك سمى البحر الشامي وهو إذا خرج من الخليج ينفسح في ذهابه عرضا وأكثر انفساحه إلى جهة الشمال ولا يزال انفساحه ذلك متصاعدا إلى الشمال إلى أن ينتهى إلى غايته وطوله فيما يقال خمسة آلاف ميل وستة وفيه جزائر ميورقة وميرقة وياسة وصقلية واقريطش وسردانية وقبرس وأما عرضه من جهة الجنوب فإنه يخرج عن سمت واحد ثم يختلف في ذهابه فتارة يبعد في الجنوب وتارة يرجع إلى الشمال واعترض ذلك بعروض البلدان التي بساحله وذلك أن عرض البلد هو ارتفاع قطبه الشمال على أفقه وهو أيضا بعد ما بين سمت رؤس أهله ودائرة معدل النهار والسبب في ذلك أن الأرض كرية الشكل والسماء من فوقها مثلها وأفق البلد هو فرق بين ما يرى وبين ما لا يرى من السماء ومن الأرض والفلك ذو قطبين إذا ارتفع أحدهما على رؤس معمور انخفض الآخر بقدره عنهم والعمارة في الأرض كلها هي إلى جانب الشمال أكثر وليس في الجنوب عمران لما تقرر في موضعه فلهذا ارتفع القطب الشمالي على أهل العمران دون الجنوب والمار على سطح الكرة كلما أبعد في جهة ظهر له من سطح الكرة ومن السماء المقابل لها ما لم يكن يظهر فيزيد بعد القطب على الأفق كما أبعد في الشمال وينقص كلما رجع إلى الجنوب فعرض سبتة وطنجة التي هي على زقاق هذا البحر وخليجه (له) ودقائق ثم يتصاعد البحر إلى الجنوب فيكون عرض تلمسان (بد) ونصف فتزيد في الجنوب فيكون عرض وهران (لب) أبعد من فاس بيسير لان عرض فاس (لج) ودقائق ولهذا كان العمران في المغرب الأقصى أعرض في الشمال من عمران المغرب الأوسط بقدر ما بين فاس وسبتة وصار ذلك القطر كالجزيرة بين البحار لانعطاف البحر الرومي إلى الجنوب ثم يرجع البحر بعد وهران عن سمته ذلك فيكون عرض تونس والجزائر (له) على مثل سمته الأول عند منبعثة من الزقاق ثم يزيد في الشمال فيكون عرض بجاية وتونس يوم على مثل سمت غرناطة ومرية ومالقة ثم يرجع إلى الجنوب فيكون عرض طرابلس وقابس (له) على مثل السمت الأول بطنجة وسبتة ثم يزيد في الجنوب فيكون عرض برقة (لج) على مثل سمت فاس وتوزر فيكون عرض الإسكندرية (لا) على مثل مراكش واغمات ثم يذهب في الشمال إلى القطافة إلى منتهى سمته بسواحل الشأم وهكذا اختلافه في هذه العدوة الجنوبية ولسنا على علم من حاله في العدوة الشمالية وينتهى بسواحل عرض هذا البحر في انفساحه إلى سبعمائة ميل أو نحوها ما بين سواحل إفريقية وجنوة من العدوة الشمالية والبلاد الساحلية من المغرب الأقصى والأوسط وإفريقية من
(٩٩)