الله ما كان من تمام أمره وتلويث كرسي الخلافة بدمه حسبما يذكر في أخبار الدولة الحفصية وكان السلطان أبو حفص يعتمد عليهم فغلبهم في دعوة عمارة فخالفوا عليه وسرح لحربهم قائده أبا عبد الله الغزارى واستصرخوا بالأمير أبى زكريا ابن أخيه وهو يومئذ صاحب بجاية والثغر الغربي من إفريقية ووفد عليه منهم عبد الملك بن رحاب ابن محمود فنهض لصريخه سنة سبع وثمانين وستمائة وحاربوا أهل قابس وهزموهم وأثخنوا فيهم ثم غلبهم الفزاري ومانعهم عن وطن إفريقية ورجع الأمير أبو زكريا إلى القرة وكان مرغم بن صابر بن عسكر شيخ الجواري قد أسره أهل صقلية من سواحل طرابلس سنة ثنتين وثمانين وباعوه لأهل برشلونة فاشتراه ملكهم وبقي أسيرا عندهم إلى أن زعم إليه عثمان بن إدريس الملقب بأبي دبوس بقية الخلفاء من بنى عبد المؤمن وأراد الإجازة إلى إفريقية لطلب حقه في الدعوة الموحدية فعقد الملك ملك برشلونة بينه وبين مرغم حلفا وبعثهما ونزول بساحل طرابلس وأقام مرغم الدعوة لابن دبوس وحمل عليها قومه وحاصر طرابلس سنة ثمان وثمانين أياما ثم تركوا عسكرا لحصارها وارتحلوا لجباية الوطن فاستفرغوه وكان ذلك غاية أمرهم وبقي أبو دبوس يتقلب في أوطانهم مدة واستدعاه الكعوب لأول المائة الثامنة وأجلبوا به على تونس أيام السلطان أبى عصيدة من الحفصيين وحاصروها أياما فلم يظفروا ورجع إلى نواحي طرابلس وقام بها مدة ثم ارتحل إلى مصر وأقام بها إلى أن هلك كما يأتي ذكره في خبر ابنه مع السلطان أبى الحسن بالقيروان ولم يزل هذا شأن الجواري والمحاميد إلى أن تقاص ظل الدولة عن أوطان قابس وطرابلس فاستبد برياسة ضواحيها واستعبدوا سائر الرعاية المعتمرة في جبالها وبسائطها واستبد أهل الأمصار برياسة أمصارهم بنو مكي بقابس وبنو ثابت بطرابلس على ما يذكر في أخبارهم وانقسمت رياسة أولاد وشاح بانقسام المصرين فتولى الجواري طرابلس وضواحيها وزنزور وغريان ومغر وتولى المحاميد بلد قابس وبلاد نفوسة وحرب وفى ذباب هؤلاء بطون أخرى ناجعة في القفر ومواطنهم منزاحة إلى جانب الشرق عن مواطن هؤلاء الوشاحين فمنهم آل سليمان بن هبيب بن رابع بن ذباب ومواطنهم قبلة مغر وغريان ورياستهم في ولد نصر بن زائد بن سليمان وهي لهذا العهد لهائل بن حماد بن نصر وبينه وبين البطن الآخر إلى سالم بن وهب أخي سليمان ومواطنهم بلد مسراتة إلى لهد ومسلاتة وشعوب آل سالم هؤلاء الا حامد والعمائم والعلاونة وأولاد مرزوق ورياستهم في أولاد ولد مرزوق وهو ابن معلى بن معراق بن قليتة بن قماص بن سالم وكانت في أول هذه المائة الثامنة لغلبون بن مرزوق واستقرت في بنيه وهي اليوم لحميد بن سنان بن عثمان
(٨٦)