طولها من المغرب إلى المشرق ستون ميلا وعرضها من ناحية الغرب عشرون ميلا ومن ناحية الشرق خمسة عشر ميلا وبين فرضتيها في ناحية الغرب ستون ميلا وشجرها التين والنخل والزيتون والعنب واختصت بالنسيج وعمل الصوف للباسهم فيتخذون منه الأكسية المعلمة للاشتمال وغير المعلمة للباس ويجلب منها إلى الأقطار فتنتقيه الناس للباسهم وأهلها من البربر من كتامة وفيهم إلى الآن سدويكش وصدغيان من بطونهم وفيهم أيضا من بعده وهوارة وسائر شعوب البربر وكانوا قديما على رأى الخوارج وبقي بها الآن فريقان منهم الوهبية وهم بالناحية الغربية ورياستهم لبنى سمرمن والنكارة وهم بالناحية الشرقية وجربة فاصلة بينهما والظهور والرياسة على الكل لبنى النجار من الأنصار من جند مضر ولاه معاوية على طرابلس سنة ست وأربعين فقدم إفريقية وفتح جربة سنة سبع بعدها وشهد الفتح حسين بن عبد الله الصنعاني ورجع إلى برقة فمات بها ولما تزل في ملكة المسلمين إلى أن دخل دين الخوارج إلى البربر فأخذوا به ولما كان شأن أبى زيد سنة احدى وثلاثين وثلثمائة فأخذوا بدعوته بعد أن دخلها عنوة وقتل مقدمها يومئذ ابن كلوس وصلبه ثم استردها المنصور بن إسماعيل وقتل أصحاب أبي زيد ولما غلبت العرب صنهاجة على الضواحي وصارت لهم أخذ أهل جربة في انشاء الأساطيل وغزوا الساحل ثم غزاهم علي بن يحيى بن تميم بن المعز ابن باديس سنة تسع وخمسمائة بأساطيله إلى أن انقادوا وضمنوا قطع الفساد وصلح الحال ثم تغلب النصارى عليها سنة تسع وعشرين وخمسمائة عند تغلبهم على سواحل إفريقية ثم ثار أهلها عليهم وأخرجوهم سنة ثمان وأربعين ثم غلبوا عليها ثانية وسبوا أهلها واستعملوا على الرعية وأهل العلم ثم عادت للمسلمين ولم تزل مترددة بين المسلمين والنصارى إلى أن غلب عليها أيام عبد المؤمن بن علي واستقام أمرها إلى أن استبد أمراء بنى حفص بإفريقية ثم افترق أمرهم بعد حين واستبد المولى أبو زكريا بن السلطان أبى اسحق بالناحية الغربية وشغل صاحب الحضرة بشأنه كما قدمناه فتغلب على هذه الجزيرة أهل صقلية سنة ثمان وثمانين وستمائة وبنوا بها حصن القشتيل مربع الشكل في كل ركن منه برج وبين كل ركنين برج ويجاوره حفير وسوران وأهم المسلمين شأنها ولم تزل عساكر الحضرة تتردد إليها كما تقدم إلى أن كان فتحها أيام السلطان أبى بكر على يد مخلوف بن الكماد من بطانته سنة ثمان وثلاثين واستضافها ابن مكي صاحب قابس إلى عمله فأضافها إليه وعقد له عليها فصارت من عمله سائر أيام السلطان ومن بعده واتصلت الفتنة بين أبى محمد بن تافراكين وبين ابن مكي وبعث الحاجب أبو محمد ابن تافراكين عن أبيه أبى عبد الله وكان في جملة السلطان ببجاية كما قلناه ولما وصل
(٣٧٤)