الأولياء وفشا الخبر بما يرومه من ذلك فصده عثمان بن يغمراسن عنه بما كان تقلد من طاعة السلطان أبى حفص على سننهم مع الخلفاء بالحضرة قبله فاعتزم الأمير أبو زكريا على شأنه وحرج من تلمسان موريا بالصيد الذي كان ينتحله أيام قيامه بينهم ولحق بداود بن هلال بن عطاف أمير بنى يعقوب وكافة بنى عامر من زغبة وأوعز عثمان بن يغمراسن إلى داود وبرده إليه فأبى من اخفار ذمته وارتحل معه بقومه إلى آخر بلاد زغبة ونزلوا على عطية بن سليمان بن سباع من رؤساء الزواودة فتلقاه بالطاعة وارتحلوا جميعا إلى ضواحي قسنطينة فدخل العرب وسوريكش في طاعته ونازل البلد سنة ثلاث وثمانين وعاملها يومئذ أبو نوفيان من مشيخة الموحدين وكان صاحب بجاية بها أبو الحسن بن طفيل كان له من العامل صهر فداخل الأمير أبا زكريا في شأن البلد وشرط لنفسه وصهره فأمضى السلطان شريطتهم وأمكنوه من البلد وأقاموا بها دعوته وارتحل إلى بجاية وكان قد حدث فيها اضطراب بين أهلها أدى إلى الخلاف والتباين واستحثوا الأمير أبا زكريا فأغذ السير إليهم ودخلها سنة أربع وثمانين ويقال ان ملكه ببجاية كان سابقا على ملكه بقسنطينة وهو الأصح فيما سمعناه من شيوخنا وبعث إليهم أهل الجزائر بطاعتهم فاستولى على هذه الثغور القريبة وتلغب المنتخب لاحياء دين الله وأغفل ذكر أمير المؤمنين أدبا مع عمه الخليفة بالحضرة حيث مالا الموحدين أهل الحل والعقد من الجماعة ونصب للحجابة أبا الحسن بن سيد الناس فقام بها ورسخ ملكه وملك بنيه بهذه الناحية الغربية وانقسمت به الدولة إلى أن خلص الامر للملوك من عقبه واستولوا على الحضرة كما نذكره ان شاء الله تعالى والله ولى التوفيق لما استولى الأمير أبو زكريا على الناحية الغربية واقتطعا من أعمال الحضرة اعتمد في الحركة على تونس فنهض إليها في عساكره سنة خمس وثمانين ووفد عليه عبد الله بن رحاب بن محمود من مشيخة ذياب ومانعه الفازازى عن أحواز تونس فنازل قابس وحاصرها وكان له في قتالها أثر واستولت الهزيمة على مقاتلتها ذات يوم فأثخن فيهم قتلا وأسرا وهدم ربضها وأحرق المنازل والنخل وارتحل إلى مسراته وكان من خبره أن الأمير أبا زكريا لما فصل من تلمسان لطلب ملكه على كره منه وامتنع جاره وداود ابن عطاف من رده وامتلأ له عداوة وحقدا جدد البيعة لصاحب تونس وأوفد بها علي بن محمد الخراساني من صنائعه وكان له أثناء ذلك ظهور على ابن توجين ومغراوة بالمغرب الأوسط وضاق ذرع أهل الحضرة بمكان الأمير أبى زكريا من مطالبتهم
(٣٠٧)