حينئذ إلا حكم واحد، وهو الرخصة في الاعتداء بمقدار اعتداء المعتدي، وأن لا يتجاوز عنه، والمراد بالمقدار هو أن يحكم أهل العرف بأنهما سيان في المنفعة والفائدة، ويرضى العقلاء بتملك كل منهما مقام الآخر من غير فرق بين المثل والقيمة.
وإن كان المراد التشبيه المطلق، يعني يجوز لكم الاعتداء على نحو يماثل اعتداء المعتدي في الاعتداء والمعتدى به فهذا إطلاق ينصرف إلى العموم في كلام الحكيم، وحينئذ فهو يشتمل على حكمين: الأول الرخصة في الاعتداء، والثاني أن ذلك على سبيل المثلية في كل شئ، وهو يشمل المثلي والقيمي أيضا، ففي كل منهما يجب اعتبار المماثلة في الاعتداء والمعتدى به في كل شئ إلا مع التعذر وهو يناسب مذهب ابن الجنيد بلزوم المثل في القيمي أيضا إلا مع التعذر، فلا تدل الآية على التفصيل المزبور.
فالمناص بأن يبنى تفسير الآية على الوجه الثاني، ويخص عمومه بدليل خارجي مثل صحيح أبي ولاد (1) أو يقال: إن حكم القيمي ليس داخلا في الآية أو يعترف بمذهب ابن الجنيد، فيندرج مسألة الرجوع إلى المثل في المثلي تحت عموم الآية، لا لأن لفظ المثل فيهما (فيها ل ظ) بمعنى المثلي المصطلح، بل لأن المماثل المصطلح من أفراد المماثلة المعتبرة في الآية بالمعنى ويخرج القيمي بالصحيحة المزبورة.
إلى آخر ما ذكره القائل المزبور، فإنه وإن كان كلامه لا يخلو من غشاوة وقبح تأدية وخلل في النقل عن ابن الجنيد الظاهر في ضمان مطلق المغصوب بقيمته، وتوقف الاجتزاء بالمثل على رضا المالك، بناء على رجوع القيد في كلامه إلى الأخير، وإن كان راجعا إليهما كان مراده كون التخيير حينئذ بيد المالك بين المثل والقيمة مطلقا، كما هو المعروف