الأصحاب في حكمهم بنفي الضمان فيه كما احتملناه من كلامهم، ولا شبهة فيه ".
قلت: لا يخفى فساد الاحتمال المزبور على من لاحظ كلمات الأصحاب، بل فرضهم المسألة في حبس الصانع كالصريح في عدم الضمان وإن كان سببا.
والمراد بالتفويت في عبارة التذكرة الاستيفاء، كما يشعر به تفريع ذلك عليها فيها، قال: " منفعة بدن الحر تضمن بالتفويت لا بالفوات فلو قهر حرا واستعمله في شغل ضمن أجرته، لأنه استوفى منافعه، وهي متقومة، فلزمه ضمانها، كما لو استوفى منافع العبد، ولو حبسه مدة لمثلها أجرة وعطل منافعه فالأقوى أنه لا يضمن الأجرة، لأن منافعه تابعة لما لا يصح غصبه، فأشبهت ثيابه وأطرافه، ولأن منافعه في يده، لأن الحر لا يدخل تحت اليد، فمنافعه تفوت تحت يده فلم يجب ضمانها، بخلاف الأموال، وهو أصح وجهي الشافعية، والثاني أنه يضمنها، لأن منافعه تتقوم بالعقد الفاسد. فأشبهت منافع الأموال، فقد فوتها بحسبه فضمنها كمنافع العبد، أما لو منعه من العمل من غير حبس فإنه لا يضمن منافعه وجها واحدا، لأنه لو فعل ذلك بالعبد لم يضمن منافعه، فالحر أولى ".
وهو كالصريح فيما ذكرناه، على أن التسبيب الذي ذكره إنما يقتضي الضمان إذا تعلق بتلف الأموال، ومنفعة الحر معدومة، فلا يتصور التسبيب لتلفها، كما أن قاعدة نفي الضرر والضرار وغيرها مما ذكره من الآيات لو اقتضت الضمان على وجه تشمل الفرض لا تثبت فقها جديدا، ضرورة اقتضائها الضمان بالمنع عن العمل أو الانتفاع بماله وغير ذلك مما عرفت عدم القول به من العامة الذين مبنى فقههم على القياس