للغصب وبين قيمة الجناية، ورجع على الغاصب بقيمة أخرى بلا خلاف أجده في شئ من ذلك ولا إشكال، عدا استحقاق رجوع المجني عليه على المالك بالقيمة، لاحتمال اختصاص رجوعه على الغاصب، فيختص المالك حينئذ بما أخذ، كما أنه يختص الجاني بأرش جنايته لو أخذه، ولا يرجع عليه المالك، فهما حينئذ كرجلين لكل واحد منهما دين على ثالث، بل عن التذكرة نفي البأس عن ذلك وأن المشهور عند الشافعية الأول.
قلت: لعل وجه رجوعه على المالك أنه قبض قيمة العين التي تعلق بها حق المجني عليه على وجه ينتقل منها إلى قيمتها.
بل قد يتوهم عدم رجوع المجني عليه على الغاصب باعتبار عدم ضمانه للعين التي تعلقت بها الجناية بالنسبة إلى الجاني، ولذا لا يجوز له ردها للسيد بعد الجناية.
لكن يدفعه أنا نمنع ذلك بعد تعلق الحق فيها، كما يمنع بالنسبة إلى قيمتها أيضا، لقيامها مقامها، فالذي جوز رجوعه على الغاصب هو دفعه لما تعلق لحق المجني عليه من غير إذن، نحو رجوع الديان على من دفع عينا من تركة الميت إلى وارثه مثلا بغير إذن منه، نعم لو كان الدفع بإذن المجني عليه اتجه عدم الرجوع حينئذ.
وعلى كل حال فليس هو كدينين على ثالث، بل هو دين واحد تعلق به حقان وإن رجع السيد على الغاصب إذا أخذه منه ذو الحق المقدم عليه باعتبار ضمانه عليه، فتأمل جيدا فإن المسألة غير محررة في كلامهم.
ومن ذلك أيضا ما يظهر من غير واحد من التفاوت بين القيمة المضمونة للجناية وبينها للغاصب، بناء على ضمان أعلى القيم له، فيختص المالك حينئذ بالزائد، ولا رجوع للمجني عليه في ذلك، مع أنه قد يشكل