إحالة الحكم عليه، فوجب الضمان، إذ هو كما لو جرح انسانا فأصابه الحر أو البرد فسرت الجراحة، فإنه يضمن فكذا هنا، بل عن مجمع البرهان لا إشكال في الضمان إذا علم كون فعله سببا فقط لا غير ولم يعلم استناده إلى غيره بالكلية.
ولا يخفى عليك ما في الجميع بعد الإحاطة بما ذكرناه من كون المدار على السبب الشرعي المستفاد من النصوص المزبورة (1) أو ما يلحق به باجماع ونحوه، والمقام ليس كذلك، خصوصا في مثل حدوث الريح الذي جزم بعدم الضمان فيه في محكي المبسوط فارقا بينه وبين إشراق الشمس، بل عنه وعن الغنية نفي الخلاف في عدم الضمان به، وفي الكفاية أن عدم الضمان به أقرب.
وعن التذكرة التوقف في الضمان به بخلاف الشمس، فاستوجه الضمان بها، قال: " لأنها مما يعلم طلوعها، فيكون الفاتح له معرضا ما فيه للشمس، بخلاف هبوب الريح الذي هو غير منتظر ولا متوقع، فالهلاك حينئذ لم يحصل بفعله، وليس فعله مما يقصد به تحصيل ذلك العارض، ففعله غير ملجئ، والأمر الحادث مباشر، فلم يتعلق الضمان بفعله، فكان كما لو فتح الحرز فسرق غيره أو دل سارقا فسرق ".
قلت: لا يخفى عليك ما في الجميع بعد الإحاطة بما ذكرناه، ضرورة صدق السببية على مذاقهم فيهما، بل في جامع المقاصد أن وجود الريح كثير موجب لتوقع القلب والانقلاب، نعم يتوجه عدم الضمان بناء على ما ذكرناه من كون سبب الضمان شرعيا، وهو ما تضمنته النصوص (2) المزبورة أو ألحق به باجماع ونحوه ولو على وجه تنجبر به الدلالة كما هو واضح.