بل مما ذكرنا يعلم الحال في المغصوب ذي الصنعة إذا كان من النقدين وكان نقد البلد الذي هو قيمة له موافقا له في الحس ومختلفا معه في الوزن، فإن كونه قيميا لا يدفع احتمال الربا عنه، بل لا بد من تقويمه بغير الجنس حينئذ، إلا بناء على ما ذكرناه من عدم جريان الربا في الغرامات.
وعلى كل حال فقد ظهر لك أن المعروف بين من تعرض للمسألة كون المفروض مثلي الأصل قيمي الصنعة، وعن موضع من التذكرة أنه قيمي، وفي المسالك أنه أظهر، للمنع من بقائه مثليا بعد الصنعة، لأن أجزاءه ليست متفقة القيمة، إذ لو انفصلت نقصت قيمتها متصلة كما لا يخفى.
وفيه أن ذلك ليس ضابطا للمثلي كما عرفته، بل هو تساوي الأجزاء على حالها بالمعنى الذي ذكرناه سابقا.
ومنه ينقدح قوة احتمال كون المصنوع مثليا مع صنعته، كما احتمله في الدروس وإن استبعده في المسالك، بل لعل جزمهم به في الدراهم والدنانير يؤيد ذلك، ضرورة اشتراك الجميع في أن لعقلاء العرف طريقا للحكم بالمساواة في الصنف، هذا كله لو تلف المغصوب المصنوع.
أما لو تلفت الصنعة فقط فإنه يضمنها، ولا حجر في كون ضمانها من جنس جوهر الإناء، لانتفاء الربا، إذ لا معاوضة بين جنسين لا حقيقية ولا حكمية كما هو واضح.
وظاهرهم الاتفاق على كونها حينئذ قيمية، فليس للمالك الالزام بعودها، كما أنه ليس عليه قبول ذلك لو بذله الجاني، وفرق واضح بين المقام وبين الالزام بتسوية الحفر في الأرض الذي هو من قبيل رد المغصوب إلى محله، والله العالم.
(وإن كانت الصنعة محرمة) كما في آنية الذهب والفضة والصنم