الحق فيجرى عليهم حينئذ حكم الكفار الحربيين، ومنه خبر مسعدة بن زياد (1) المروي قرب الإسناد عن جعفر عن أبيه عليهم السلام " إن عليا عليه السلام لم يكن ينسب أحدا من أهل البغي إلى الشرك ولا إلى النفاق، ولكن كان يقول: إخواننا بغوا علينا " وخبر الفضل بن شاذان (2) عن الرضا عليه السلام المروي مسندا عن العيون في حديث طويل " فلا يحل قتل أحد من النصاب والكفار في دار التقية إلا قاتل أو ساع في فساد، وذلك إذا لم تخف على نفسك وأصحابك " وفي الدعائم (3) عن علي عليه السلام " أنه سئل عن الذين قاتلهم من أهل القبلة أكافرون هم؟ قال: كفروا بالأحكام وكفروا بالنعم، ليس كفر المشركين الذين دفعوا النبوة ولم يقروا بالاسلام، ولو كانوا كذلك ما حلت لنا مناكحتهم ولا ذبائحهم ولا مواريثهم " إلى غير ذلك من النصوص الدالة على جريان حكم المسلمين على البغاة من حيث البغي في زمن الهدنة، فضلا عما هو المعلوم من تتبع كتب السير من مخالطتهم وعدم التجنب عن أسئارهم وغير ذلك من أحكام المسلمين، وإن وجب قتالهم على الوجه الذي ذكرناه، لكن ذلك أعم من الكفر، نعم الخوارج منهم قد اتخذوا بعد ذلك دينا، واعتقدوا اعتقادات صاروا بها كفارا لا من حيث كونهم بغاة، وأما تغسيلهم ودفنهم والصلاة عليهم فقد فرعه بعضهم على الكفر وعدمه، ولكن قد يقال بعدم وجوب ذلك وإن لم نقل بكفرهم حال حياتهم، ولكن لهم حكمهم بعد موتهم كما سمعته سابقا في مطلق منكر الإمامة.
(٣٣٨)