قد يقال إن حكم البغاة لم يعلم إلا من فعل علي عليه السلام كما اعترف به الشافعي وغيره، ولم يثبت لنا شئ من فعله فيما عدا الفرق الثلاثة، وقد كانوا كذلك.
وربما حكي عنهم أيضا اشتراط أن يكونوا على المبائنة بتأويل يعتقدونه، ولم نجد لهم ما يدل عليه، بل الواقع من علي عليه السلام من أهل الجمل وصفين خلافه، ضرورة عدم شبهة لهم، نعم قد كان ذلك في خصوص الخوارج، ففي خبر السكوني (1) عن جعفر عن أبيه عن آبائه عليهم السلام " لما فرغ أمير المؤمنين عليه السلام من أهل النهر قال لا يقاتلهم أحد بعدي إلا من هم أولى بالحق منه " كما هو المحكي عن خط العلامة بيده، فيكون حينئذ إخبارا لا نهيا، وفي بعض " إلا من هو أولى بالحق منهم " وفي خبره الآخر (2) عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أيضا قال: " ذكرت الحرورية عند علي عليه السلام قال: إن خرجوا على إمام عادل أو جماعة فقاتلوهم، وإن خرجوا على إمام جائر فلا تقاتلوهم، فإن لهم في ذلك مقالا " وفي خبر جميل بن دراج (3) قال " قال رجل لأبي عبد الله عليه السلام الخوارج شكاك فقال: نعم، قال: فقال بعض أصحابه: كيف وهم يدعون إلى البراز، قال: ذلك مما يجدون في أنفسهم " وفي نهج البلاغة (4) عن أمير المؤمنين عليه السلام " لا تقتلوا الخوارج بعدي، فليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأدركه يعني معاوية