إنما هي حجة مفردة، إنما الأضحى على أهل الأمصار) ودعوى عدم الدلالة صريحا - لاحتمال أن يكون المراد منها من أراد فرض الحج في غير أشهره لا يقع حجه صحيحا، بل ينبغي أن يجعل النسك الذي يريد فعله عمرة - يدفعها أن ذلك لا ينافي الظهور المعلوم كفايته كما هو واضح، هذا.
وظاهر الأصحاب عدم اشتراط أمر آخر غير الشرائط الأربعة أو الثلاثة في حج التمتع، لكن عن بعض الشافعية اشتراط أمر آخر، وهو كون الحج والعمرة عن شخص واحد، فلو أوقع المتمتع الحج عن شخص والعمرة عن آخر تبرعا مثلا لم يصح، ويمكن أن يكون عدم ذكر أصحابنا لذلك اتكالا على معلومية كون التمتع عملا واحدا عندهم، ولا وجه لتبعيض العمل الواحد، فهو في الحقيقة مستفاد من كون حج التمتع قسما مستقلا، ويمكن أن لا يكون ذلك شرطا عندهم لعدم الدليل على الوحدة المزبورة التي تكون العمرة معها كالركعة الأولى من صلاة الصبح، وإلا لم تصح عمرته مثلا مع اتفاق العارض عن فعل الحج إلى أن مات، بل المراد اتصاله بها وإيجاب إردافه بها مع التمكن، وحينئذ فلا مانع من التبرع بعمرته عن شخص وبحجه عن آخر لاطلاق الأدلة، بل لعل خبر محمد بن مسلم (1) عن أبي جعفر عليه السلام دال عليه، قال (سألته عن رجل يحج عن أبيه أيتمتع؟ قال: نعم المتعة له والحج عن أبيه) وأما الوقوع من شخص واحد فلم أجد في كلام أحد التعرض له بمعنى أنه لو فرض التزامه بحج التمتع بنذر وشبهه فاعتمر عمرته ومات مثلا فهل يجزي نيابة أحد عنه مثلا بالحج من مكة؟ وإن كان الذي يقوى عدم الاجزاء إن لم يكن دليل خاص، وربما يأتي في الأبحاث الآتية نوع تحقيق له، والله العالم.