وحينئذ يكون الموضعان خارجين عن المسافة المزبورة - إلى أن قال - ولا مناص عن الاشكال إلا بالطعن فيما سمعته من القاموس والتذكرة بكون المكانين ليس على مرحلتين، أو بالطعن فيما سمعته من المصباح وشمس العلوم من عدم كون المرحلة مسيرة يوم، والكل مشكل) انتهى.
وحاول ابن إدريس رفع الخلاف بين الأصحاب بتقسيط الثمانية والأربعين على الجوانب، فقال: (وحده من كان بينه وبين المسجد الحرام ثمانية وأربعون ميلا من أربع جوانب البيت من كل جانب اثني عشر ميلا) ولعله استشعره مما في محكي المبسوط، وهو كل من كان بينه وبين المسجد الحرام اثني عشر ميلا من جوانب البيت، والاقتصاد من كان بينه وبين المسجد من كل جانب اثني عشر ميلا، وما عن الحلبي (وأما القران والافراد ففرض أهل مكة وحاضريها ومن كان داره اثني عشر ميلا من أي جهاتها كان) وأصرح من ذلك ما عن التبيان (ففرض التمتع عندنا هو اللازم لكل من لم يكن من حاضري المسجد الحرام، وهو من كان على اثني عشر ميلا من كل جانب إلى مكة ثمانية وأربعين ميلا) بل عن ابن الربيب موافقته على هذا التنزيل، وجعل من الصريح فيه قول الصدوق:
(وحد حاضري المسجد أهل مكة وحواليها على ثمانية وأربعين ميلا) ونحوه كلامه في الهداية والأمالي، وإن كان فيه ما فيه، ولكن ذلك كله يؤيد ما قلناه من الرجوع إلى اطلاق ما دل على وجوب التمتع مع الاقتصار على الفرد المتيقن من الملحق بالحضور، وهو من الاثني عشر ميلا فما دون، بل لعل ذلك هو المتعارف في التجوز بالحضور والموافق لحواليها، بخلاف الثمانية وأربعين ميلا المنافية للحضور حقيقة وتجوزا، فلا يصلح تحديدا على وجه يكون تحقيقا في تقريب على حسب غيره مما جاء التحديد فيه كذلك مثل المسافة والوجه والركوع ونحوها، واحتمال المراد شرعا وإن لم يكن من افراد مجاز الحضور كما ترى،