(سألته عن الحناء فقال: إن المحرم ليمسه، ويداوي به بعيره، وما هو بطيب وما به بأس) ولكن أقصاه الجواز الذي هو مقتضى الأصل في مقابل القول بالحرمة المحكية عن المقنعة والاقتصاد وهي خيرة الفاضل في المختلف لمفهوم تعليل المنع عن الكحل بالسواد والنظر في المرآة بأنه زينة، بل مقتضاه الحرمة وإن لم يقصد الزينة، لما سمعته من عدم توقف صدقها على القصد، ولعله لذا كان خيرته في المختلف ذلك إلا أن فيه أن مفهوم التعليل يخرج عنه باطلاق نفي البأس بها، بل وباطلاق المس الذي هو أخص منه أو أرجح بناء على العموم من وجه ولو بالشهرة المزبورة، وأغلبية الزينة فيها، وعدم العمل بعموم المفهوم في الخاتم والحلي وغيرهما مما يحصل به الزينة إن لم يقصدها، نعم لم يحضرني نص بالخصوص في الكراهة إلا خبر الكناني (1) سأل الصادق (عليه السلام) (عن امرأة خافت الشقاق فأرادت أن تحرم هل تخضب يدها بالحناء قبل ذلك؟ قال: ما يعجبني أن تفعل) بناء على مساواة الرجل والمرأة وما قبل الاحرام لما بعده، وأولوية الزينة المقصودة من خوف الشقاق المنزل على عدم وصوله إلى حد الضرورة، وإلا لم يكن مكروها، وحينئذ يكون ظاهرا في كراهة ذلك باعتبار كونه زينة وإن لم تكن مقصودة، وهو خلاف ما صرح به غير واحد من كون المدار على القصد، بل هو ظاهر تقييد المتن ومحكي الخلاف والتذكرة، بل لم أجد قائلا صريحا بالكراهة على الوجه المزبور، نعم ربما كان ظاهر اطلاق القواعد ومحكي النهاية والمبسوط والسرائر والجامع كراهة استعمالهما الحناء قبل الاحرام على وجه يبقى أثره بعده إلا أنه غير شامل لباقي الصور، ولعل الأولى التعميم، لما عرفت، مضافا إلى جهة الحرمة التي يمكن إرادة الكراهة مما سمعت من دليلها بالنسبة إلى ذلك بمعونة فتوى المشهور مع التسامح.
(٤٢٩)