يكون المراد من قوله عليه السلام في الخبر الأول: (ما يشهرك) إلى آخره، أي المعرفة بأنه من الشيعة المخالفين لأبي حنيفة، وعن ابن حمزة كراهة الاحرام بالثياب المقدمة والمصبوغة بطيب غير محرم عليه أي غير الزعفران والورس والمسك والعنبر والعود والكافور والأدهان الطيبة ولم نقف على ما يشهد له، كما أن خبر خالد بن ابن العلاء (1) قال: (رأيت أبا جعفر عليه السلام وعليه رداء أخضر وهو محرم) وخبر أبي بصير (2) عن أبي جعفر عليه السلام قال: (سمعته وهو يقول: كان علي عليه السلام محرما ومعه بعض صبيانه وعليه ثوبان مصبوغان، فمر به عمر بن الخطاب فقال:
يا أبا الحسن ما هذان الثوبان؟ فقال له علي عليه السلام: ما نريد أحدا يعلمنا بالسنة، إنما هما ثوبان صبغا بالمشق، يعني الطين) أي المقر، ويقال ثوبا ممشق مصبوغ به يدلان على عدم الكراهة في نحو ذلك، مع أن الممشوق ربما يكون مفدما بل قد سمعت ما في خبر الحلبي من نهي المحرمة عن لبس كل المصبوغات إلا صبغا لا يردع، ومقتضاه عدمها في الصبغ غير المردع، وحينئذ فلا دليل على كراهة مطلق الصبغ، بل مقتضى الأدلة خلافه.
وكيف كان فقول المصنف: (وتتأكد) أي الكراهة (في السواد) لم نقف على ما يدل عليه، إذ لم يحضرنا إلا ما سمعته من الخبر المزبور الدال على أصل الكراهة الزائدة على أصل اللبس، كما أن ما في الدروس من الكراهة في مطلق المصبوغ وتتأكد في الأسود كذلك لما عرفت، إلا أن الحكم مما يتسامح به وفي خبر الدعائم (3) عن جعفر بن محمد عليهما السلام) أنه قال: (يتجرد المحرم