بل في المدارك الظاهر أن المراد به مطلق، نبات الصحراء، فيكون المراد بالرياحين المحرمة ما يستنبته الآدميون من ذلك، ويحتمل أن يراد به ما هو أخص من ذلك.
وعلى كل حال يكون استثناؤه لكونه كما قال في المختلف: إن نبت الحرم يتعسر الاحتراز عنه، ومعه لا يمكن صرف النهي عن ظاهره، مضافا إلى عدم امكانه من وجه آخر، وهو أن النهي عن مس الريحان في الصحيح الماضي إنما هو بلفظ النهي عن الطيب بعينه، وهو للتحريم قطعا، فلا يمكن حمله بالإضافة إلى الريحان على الكراهة، للزوم استعمال اللفظ الواحد في الاستعمال الواحد في الحقيقة والمجاز، وهو خلاف التحقيق، وصرفه إلى المجاز الأعم يعني مطلق المرجوحية مجاز بعيد، ولا يخفى عليك ما في ذلك كله بعد الإحاطة بما ذكرناه، خصوصا دعوى الالتزام باستثناء الأمور المخصوصة التي يمكن دعوى الاجماع المركب على خلافها وإن اختاره في المسالك وتبعه بعض من تأخر عنها، وكذا ما سمعته من احتمال كون المراد بالمشابهة خصوص نبت البراري، بل وكذا دعوى الاستبعاد في عموم المجاز الغالب الاستعمال في النصوص، خصوصا في المقام المتكرر فيه لفظ (لا) بناء على أنها غير عاطفة، وبالجملة الأولى الكراهة شما بل واستعمالا.
والمراد بالرياحين ما هو المتعارف منها، وعن العين الريحان اسم جامع للرياحين الطيبة الريح، قال: (والريحان أطراف كل بقلة طيبة الريح إذا خرج عليه أوائل النور) وعن ابن الأثير (هو كل نبت طيب الريح من أنواع المشموم) وعن كتابي المطرزي (عند الفقهاء الريحان ما لساقه رائحة طيبة كما لورده، والورد ما لورقه رائحة طيبة كالياسمين) وفي القاموس (نبت معروف طيب الرائحة أو كل نبت كذلك، أو أطرافه أو ورقه، وأصله ذو الرائحة، وخص بذي الرائحة الطيبة، ثم بالنبت الطيب الرائحة، ثم بما عدا الفواكه والأبازير، ثم بما عداها ونبات الصحراء، ومن الأبازير الزعفران، وهو المراد هنا، ثم بالمعروف (باسرم)