قولا واحدا وإن تركب مما لا يصح عليه، مضافا إلى ما سمعته من الاجماعات السابقة، بل يمكن دعوى تحصيل الاجماع عليه، وما كنا لنؤثر أن يقع بعد ذلك في نفس الشهيد منه شئ من حيث اشتماله على النورة المستحيلة، قال: إلا أن يقال: الغالب جوهر القرطاس، أو يقال: جمود النورة يرد إليها اسم الأرض، وهو لم تم لكان مؤيدا لما ذكرناه أولا من أن جواز السجود على القرطاس من حيث القرطاسية لا من حيث النباتية حتى يندرج في نصوصها، لا أنه يرفع اليد عن النص والاجماع من هذه الجهة، لكنه غير تام أولا لما في كشف اللثام وغيره من أن المعروف في عمله جعل النورة أولا في مادة القرطاس ثم يغسل حتى لا يبقى فيها شئ منها، فليست حينئذ جزءه، ويؤيده أنه لم يتأمل أحد من الأصحاب في جواز السجود من هذه الجهة، وفي مفتاح الكرامة أني لأعجب من الشهيدين والمحقق الثاني كيف تأملوا فيه منها والصانعون له من المسلمين والنصارى قريبون منهم وبين أظهرهم، ولا يسألونهم عن كيفية عمله. وثانيا لما عرفت من قوة جواز السجود على النورة بعد الحرق فضلا عن أرضها. وثالثا لما ذكره في استثنائه وإن كان واضح الضعف، بل هو قد استبعد ثانيهما بعد ذلك، قال: " الأكثر اتخاذ القرطاس من القنب، فلو اتخذ من الإبريسم فالظاهر المنع، إلا أن يقال ما اشتمل عليه من أخلاط النورة مجوز له، وفيه بعد، لاستحالتها عن اسم الأرض، ولو اتخذ من القطن والكتان أمكن بناؤه على جواز السجود عليهما، وقد سلف، وأمكن أن المانع اللبس حملا للقطن والكتان المطلقين على المقيد، فحينئذ يجوز السجود على القرطاس وإن كان منهما، لعدم اعتياد لبسه، وعليه يخرج جواز السجود على ما لم يصلح لللبس من القطن والكتان ".
قلت: لا يخفى ما فيه بعد الإحاطة بما ذكرنا وإن تبعه عليه في كشف اللثام، فقال: " إن اتخذ القرطاس مما لا يلبس ولا يؤكل من النبات فالجواز ظاهر، وإن اتخذ